هل كانوا وحدهم … أم مدعومين بقوى دولٍ واستخباراتٍ عالمية ؟
لنتذكر بداية القول الفارق:
” نحن لن نتذكر عبارات أعدائنا
بل صمت وخذلان أصدقائنا “
لوثر كينغ الابن
لم تقع أمة بعكس ماتطمح إليه الأمم جميعا، وتسعى إليه من علم، وتطور ونهوض كما وقعت فيه أمتنا العربية، بفضل مشروع كاذب للنهوض القومي، لكن بخطابية وانقلابية، وتآمرية قصوى، حتى القتل والدمار بكل الوسائل والأساليب والشرور ، وبكل الأحقاد ونوازع الشر .. بقيادات مسمومة وصبيانية حاقدة، تدّعي مالا تملك، وتتصدّى لقيادة بلد سوري وعراقي وأوطان أخرى، تحت اعظم الشعارات، وقد دُمّرَ المشروعُ والأوطانُ معاً بالعسكر والمخابرات والجيوش ، مع أنهُ كان لتلك الفئةِ الغاصبةِ قادةُ فكرٍ، وثقافةٍ، وعلمٍ، وأعلامٍ كبار، قتلتهمْ جميعاً ، وشرّدتهم، أو رمَتهم فيسجونِ العتمِ والنسيان، ونفّرت الناسَ والأجيالَ بسلوكها وفشلِها واحقادِها منهم، ومنْ كلّ شيء، بل مسختِ اللغةَ، وأفرغَتها من كلّ مضامينِ عزّتها ونهوضِها.
ماذا تركوا وأبقوا ؟
وماذا تركت تلك القيادة التآمرية العسكرية الواثبة على سورية، والتي اعتبرت الأقطارَ والمدنَ غنيمةً لها، وعمّمت فيها مصانعَ الفسادِ والإفسادِ والأذى ، وما الذي أبقته ولم تقتله، أو تمسخه، أو قَلبته، إلى نقيضهِ وأفرَغتهُ من محتواه..
فهل كانت تلك الفئةُ الباغيةُ المدمّرةُ الفاسدةُ المفسدةُ وحدَها، وفعلتْ مافعلتْ؟
ابداً، بلْ سانَدتها جيوشٌ وفئاتٌ انتهازيةٌ من كلّ اطيافِ المحيطِ والحثالاتِ التي انسلختْ عن مشاريعِ أحزابٍ وميليشياتٍ، ولماماتٍ حزبيةٍ ماركسيةٍ، قوميةٍ عربيةٍ، وقوميّةٍ سوريةٍ، وطائفيةٍ واسلاميةٍ، وفلسطينيةٍ، وعربيةٍ، وناصريةٍ انتهازيةٍ ، وملحقةٍ بعربية..
كلها كانت تلحقُ بتركيزٍ وتجييشٍ منهجيّ ومنظّمٍ، ومستمرّ بفعلينِ :
إمّا الترغيبِ بنثرِ الفتاتِ والمكاسبِ والاعطياتِ، والرّشاوى أو بالتّرهيبِ، الاعتقالِ، التضييقِ، الملاحقةِ، والقتلِ المباشرِ، أو تهديدِ الأُسر والأبناءِ، وحتى بتعطيلُ المصالحِ، والأعمالِ، وفي أحيانٍ بحرقِ ورشاتٍ واعمالِ ومصالحِ بعضِ الشخصياتِ ورجالِ الأعمال ( حرق سوق الصالحية، حرق معمل التاجر الوطني رياض سيف وقتل ابنه ) وسجنهِ هو لسنواتٍ ، أو بملاحقاتِ السياسيينِ الفلسطينيين، والناصريينَ، والاسلاميينَ، والماركسيينَ العرب.
ماجعل تيارَ البعثِ يحتوي خلائطَ من تلكَ الفئاتِ، ناهيكَ عن صغارِ الطوائفِ ومحافظاتِ الاطراف المخلّفة والمهمّشةِ، الباحثينَ عن عملٍ وشهرةٍ ونفوذٍ، إضافةً لمعارضاتِ دولٍ وأحزابٍ ومنظوماتٍ، واتحادات طلبةٍ، كانَ يصرفُ عليها من مكاتبِ القيادتين القوميةِ والقطريةِ، حتى من مكتبِ الأمنِ القومي لحزب البعثِ، ناهيكَ عمّا سمّيَ بالجبهة الوطنية التقدمية، الخائنة، والمشاركة صورياً في الحكم، عبر بعض الوزراء الهامشيين في وزارات الدولة..
أضف إلى ذلك دعم الدول الاجنبية والعربية ومخابراتها، بإعطاء المساعدات والهبات المالية، او بالخبراء، والتدريب والتعاون الامني ، او بتخصيص نسب بعثات جامعية، ودراسات، ومشاركات ومناصب في هيئات دولية وعربية..
وكان لكل تلك الحشود المنتفعة والحاقدة على قياداتها واحزابها فشلاً، وارتزاقاً وتخريباً ،دورها الكبير في تشويه كل شيء، وتخريب المواقف، والأفعال، وحتى اللغة عبر نصف قرن من الزمن، ناهيك عن اجتياح كل الانظمة والقوانين التي كانت وطنية، في سورية، بقوانين ومراسيم وتشريعات جديدة، تحتكر البلد ومافيه لصالح أسرة حاكمة، وعسكر محتل، وفروع أمن لاتبقي على شيء إلّا افسدته، وحكمته ( مشروع العاملين الموحد الذي اتى على كل مكاسب الموظفين والعمال، والكسبة والنقابات، التي حققتها في العهود الوطنية السابقة، فاجهضتها وسرقتها من تلك الفئات، لتفقر الجميع وتجعل الجميع يلهث ويلهث ، او ينتهز ويسرق ويرتشي.
أضف إلى ذلك مافعله الاحتلال السوري للبنان وقوات ردعه، بتجهيز عربي،وموافقة أمريكية اسرائيلية، والتوافق على ذبح مشروع التحرر الوطني في لبنان ، بقتل قياداته اللبنانية وذبح الفلسطينيبن، وتدمير كل البنى الوطنية اللبنانية، بل باعتقال وخطف آلاف اللبنانيين، وتغييبهم في المعتقلات السورية،
وحدث ذلك بتوجيه ودعم وتعاون مخابرات ومافيات وسياسات دول عالمية، بحجة حرب أهلية في لبنان تمّ إشعالها بتوجيه سوري فرنسي انكليزي ايراني امريكي وصهيوني واستمرت لعشرين سنة،
وحلّل إذا استطعتَ أن تحللّ، وميّز بين أوراق تمّ خلطُها عبرَ نصفِ قرنٍ كاملٍ، وفنّد ووضّح ماجرى… من تدمير سورية بشعبها، إلى تدمير لبنان، وتدمير المشروع الوطني اللبناني والفلسطيني،
إلى تدمير العراق بكل قوّته واحتلاله ونهب خيراته، وتركه ممزّقا مدحورا.. ثم تدمير اليمن وليبيا تاليا واحتلا ايران لعدة دول عربية بحجج طائفية، وتحشيد توابع ملّية وطائفية، ودعمَها بالمال والسّلاح، وبكل المرتزقة..
فشل ثورات الربيع العربي
ويقولون فشل ثورات.. نعم سيدي فشل ثورات، وقد رأينا تدخلَ كلّ الدول في القضية السورية، ليس بالسياساتِ والتوجيهِ والتدخّلِ الخارجي، بل بتدخّل الجيوش عبر احتلالٍ مباشر، وتواجدٍ على الارض السورية، بحربٍ على الشعب السوري، وتدميرٍ لكل البلد السوري، وبناهُ التحتيةً والفوقيةِ، وقتلِ وجرحِ واعتقالِ وتغييبِ ملايينّ منه، وتشريدِ أكثرَ من 15 مليون سوري في العالم والشتات