رحبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين بموافقة وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على فرض حزمة عقوبات جديدة على روسيا. وقالت السياسية الألمانية مساء اليوم الثلاثاء (22 فبراير/ شباط 2022) إن “قرار روسيا بالاعتراف بجمهوريتي لوهانسك ودونيتسك، مخالف للقانون ولا يمكن قبوله تماما” مشيرة إلى أن نفس الشيء ينطبق أيضا على قرار إرسال قوات إلى هاتين المنطقتين.
وأعلنت فون دير لاين أن حزمة العقوبات المزمعة سيتم إكمالها سريعا، وحسب تصريحاتها، فإن التدابير العقابية موجهة ضد أشخاص وشركات شاركت في هذا العمل المخالف للقانون، وقالت إنها “ستطال مصارف تمول الجهاز العسكري الروسي ومن ثم أسهمت في زعزعة استقرار أوكرانيا”.
وتابعت فون دير لاين أنه سيتم فرض قيود قوية في تجارة الإقليمين الانفصاليين مع الاتحاد الأوروبي لافتة إلى أن هذه الخطوة ستأتي على غرار العقوبات التجارية التي تم إقرارها في 2014 بعد ضم شبه جزيرة القرم.
وقالت فون دير لاين إن الجزء الكبير والأخير من حزمة العقوبات يتمثل في اتخاذ تدابير لتقليص وصول الدولة الروسية إلى الأسواق المالية للاتحاد الأوروبي معلنة عن رغبة التكتل في أن يصعب على الكرملين بقدر الإمكان تمويل سياسته العدوانية.
ووصفت فون دير لاين قرار الحكومة الألمانية بوقف إجراءات اعتماد خط نورد ستريم2 بأنه “صائب تماما”، وقالت إنه “يجب إعادة النظر من جديد تماما في خط نورد ستريم 2 من منظور أمن الإمدادات بالنسبة لأوروبا كلها”، وذكرت أن الأزمة أظهرت أن أوروبا لا تزال تعتمد بشكل زائد عن الحد على الغاز الروسي.
وأعلنت فون دير لاين عن اتخاذ خطوات جديدة في حال وقوع اعتداءات جديدة من روسيا على أوكرانيا، وقالت إنه “إذا واصل الكرملين تصعيد هذه الأزمة، فإننا لن نتردد في اتخاذ المزيد من التدابير، والاتحاد الأوروبي يقف متحدا ومستعدا للتحرك سريعا”.
الموافقة بالإجماع على العقوبات
وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي وافقوا في اجتماع طارئ في باريس اليوم على اقتراح للمفوضية ومكتب الشؤون الخارجية لفرض عقوبات جديدة على روسيا. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان أنّ وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي وافقوا بالإجماع الثلاثاء على حزمة عقوبات ضدّ روسيا بسبب اعترافها بمنطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا وإرسالها قوات إليهما.
وقال لودريان للصحافيين بعد اجتماع في باريس لكبار الدبلوماسيين الأوروبيين “اتفقنا بالإجماع على حزمة عقوبات أولية تستهدف النواب الروس لدعمهم الاعتراف” (باستقلال المنطقتين) متهما روسيا “بانتهاك القانون الدولي” و”خرق التزاماتها”.
وبدوره، قال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل الثلاثاء إنّ العقوبات الأوروبية ضدّ روسيا ستستهدف النواب الروس الذين أيّدوا الاعتراف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا وستكون “موجعة جداً”. وأضاف للصحافيين “العقوبات ستكون موجعة جداً لروسيا”، موضحاً أنّ عملية تجميد أصول وحظر تأشيرات ستطال 351 عضواً في مجلس الدوما الروسي لأنهم ناشدوا الرئيس فلاديمير بوتين اتخاذ تلك الخطوة.
وأقرّ بوريل بأنّ “العقوبات ليست لها تأثيرات خارقة، لكنّها تسبّب أضراراً اقتصادية وتوجع المتضرّرين منها”، لافتاً إلى أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قررت الاحتفاظ بـ”ذخائر أخرى (…) للرد على تحركات جديدة لروسيا”، لأن “الأمر لم ينته”.
إلغاء لقاء لافروف
وشدّد لودريان على أنه رغم “هذا الحزم فإن الباب سيبقى مفتوحاً أمام الدبلوماسية”، مضيفاً أنّ “كلّ الجهود الدبلوماسية (…) واجهت طريقاً مسدوداً” في الأسابيع الأخيرة.
وأعرب عن أسفه لأنّ “الرئيس بوتين لم يعد يحترم توقيع روسيا” ولا سيّما على اتفاقات مينسك للسلام، مضيفاً أنّ الاجتماع الذي كان مقرراً أن يعقده الجمعة في باريس مع نظيره الروسي سيرغي لافروف قد ألغي.
وأضاف لودريان أنّ الرئيس ماكرون الذي انتقدته المعارضة في فرنسا بسبب فشل الوساطة التي حاول القيام بها “تحمّل مسؤولياته” في هذه المسألة. وقال “لقد قام بواجبه لفعل كلّ شيء لتجنّب اندلاع الحرب”.
مجموعة السبع تؤيد العقوبات على روسيا
وتعهد وزراء خارجية مجموعة السبع الثلاثاء تقديم دعمهم التام لأوكرانيا بعدما أمرت روسيا قواتها بدخول منطقتين انفصاليتين مواليتين لموسكو، على ما قالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس. وكتبت تراس في تغريدة على تويتر بعد مكالمة مشتركة مع نظرائها مفادها أنها اتفقت معهم على أن روسيا خرقت التزاماتها الدولية، مضيفة “دعمنا ثابت لوحدة أراضي أوكرانيا”.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الثلاثاء إن الدول الأعضاء في مجموعة السبع متحدون فيما يتعلق بفرض عقوبات على روسيا لاعترافها بمنطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا. وجاء ذلك خلال اجتماع عقدته عبر الهاتف مع وزراء الخارجية في دول المجموعة لبحث الأزمة في أوكرانيا، حسبما ذكرت وزارة الخارجية الألمانية. وقالت بيربوك للصحفيين في باريس اليوم الثلاثاء “سنرد متحدين بمجموعة شاملة من العقوبات التي كنا نعدها خلال الأسابيع الماضية والتي يمكننا تشديدها بدرجة أكبر”.
وقالت الوزارة على تويتر دون الخوض في التفاصيل “مجموعة السبع تواصل التنسيق الوثيق بشأن الأزمة الروسية”.
ومن ناحية أخرى، قال وزير خارجية اليابان يوشيماسا هاياشي إن وزراء خارجية مجموعة السبع اتفقوا اليوم على استنكار اعتراف روسيا بمنطقتي أوكرانيا الانفصاليتين. وأضاف أنهم اتفقوا أيضا على أن اعتراف روسيا باستقلال المنطقتين يعد انتهاكا لسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها، وكذلك للقانون الدولي.
الناتو: إجراءات روسيا غزو جديد لأوكرانيا
ومن جانبه قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس شتولتنبرغ إن نشر قوات روسيا في منطقة دونباس “غزو جديد” لأوكرانيا. وذكر ستولتنبرغ “ما نراه الآن هو أن دولة تعرضت لغزو بالفعل تعاني من غزو جديد”، في إشارة إلى ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، كما رحب الأمين العام للحلف العسكري بقرار ألمانيا سحب اعتماد خط أنابيب نوردستريم 2 بعدما اعترفت روسيا بالمنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا كجمهوريتن مستقلتين.
بوتين: اتفاقات السلام لم تعد موجودة
وقد دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الثلاثاء إلى جعل أوكرانيا منزوعة السلاح بعد تلقيها أسلحة من حلفائها الغربيين. وأكد “في حال أتخم شركاؤنا المزعومون سلطات كييف بأسلحة متطورة (..) عندها ستكون النقطة الأهمّ نزع أسلحة أوكرانيا الحالية”.
وأكد بوتين أن الدخول المحتمل للجيش الروسي الأراضي الأوكرانية لدعم الانفصاليين الموالين لروسيا سيكون رهنا “بالوضع على الأرض”. وأوضح في مؤتمر صحافي متلفز لم يكن معلنا، “لم أقل إن جنودنا سيذهبون إلى هناك، الآن (…) سيكون الأمر رهنا بالوضع على الأرض”.
كما أعلن الرئيس الروسي أن اتفاقات السلام التي توسطت فيها الدول الغربية لإنهاء الصراع في شرق أوكرانيا لم تعد موجودة بعد اعترافه باستقلال منطقتين انفصاليتين في الجمهورية السوفياتية السابقة. وأضاف بوتين “اتفاقات مينسك لم تعد موجودة الآن، لقد اعترفنا بـ”جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين”.
وشدد بوتين على أن “الحل الأفضل” لوضع حد للأزمة بشأن أوكرانيا يكمن في تخلي كييف عن رغبتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. وقال بوتين “الحل الأفضل لهذه القضية هو أن ترفض السلطات الحاكمة راهنا في كييف بنفسها الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وأن تختار الحياد”.
إرسال قوات لدعم الانفصاليين في أوكرانيا
ووافق مجلس الاتحاد الروسي مساء الثلاثاء على طلب الرئيس فلاديمير بوتين بنشر جنود روس في الخارج، بعدما طلب إرسال قوات لدعم الانفصاليين الموالين لروسيا في أوكرانيا. وبعد مناقشة سريعة، وافق مجلس الاتحاد بالإجماع على الطلب بتصويت الأعضاء الـ153.
وكان بوتين طلب في وقت سابق الثلاثاء من مجلس الاتحاد الموافقة على إرسال قوات إلى خارج البلاد لدعم الانفصاليين الذين يقاتلون الجيش الأوكراني منذ العام 2014. وقال نائب وزير الدفاع نيكولاي بانكوف خلال جلسة لمجلس الاتحاد عقدت بناء على طلب بوتين “المفاوضات توقفت. القيادة الأوكرانية سلكت مسار العنف وإراقة الدماء”. وأضاف “لم يتركوا لنا أي خيار”.
وأشار إلى أن هناك “مدرّعات ثقيلة” عند حدود المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون في شرق أوكرانيا. وتابع بانكوف أن حلف شمال الأطلسي “يرسل لأوكرانيا أسلحة حديثة بكثافة”، مضيفا أن “روسيا ستعمل من أجل حماية سيادة الدول الأخرى ومن أجل منع الأعمال العدائية”.
يشار إلى أنه في 2008 دعمت روسيا أيضا منطقتين انفصاليتين في جورجيا، وكذلك منطقة ترانسنيستريا الانفصالية في مولدافيا منذ التسعينات.0 90%
روسيا ستجلي دبلوماسييها من أوكرانيا
وبعيد حصول بوتين على الإذن بإرسال الجيش الروسي إلى الخارج، قالت روسيا الثلاثاء إنها ستجلي دبلوماسييها من أوكرانيا قريبا “لحماية أرواحهم” بعدما أذن مجلس الاتحاد للرئيس فلاديمير بوتين بإرسال الجيش إلى الخارج.
وأوضحت وزارة الخارجية الروسية في بيان “من أجل حماية أرواح (الدبلوماسيين) والحفاظ على سلامتهم، قررت القيادة الروسية إجلاء موظفي البعثات الخارجية الروسية في أوكرانيا، وهي خطوة ستنفذ في المستقبل القريب”.
وأشارت الوزارة إلى أن دبلوماسييها تلقوا تهديدات وأن سفارتها وقنصليتها واجهتا “هجمات متكررة”. وتابع البيان “أوكرانيا تغرق أكثر في الفوضى”. ونقلت العديد من الدول الغربية سفاراتها من كييف إلى مدينة لفيف قرب الحدود البولندية، فيما تتهم الولايات المتحدة وحلفاؤها روسيا منذ أشهر بالتخطيط لغزو أوكرانيا.