عندما أحد المحكمين للمنبر “أسانتوس3” نقر على موضوع في مجموعة أر/بورتوغيز في شهر كانون الأول/ديسمبر ووجده حافلا بالتعليقات العنصرية، ولم يفاجأ بالضبط.
فالمجموعة تشتمل على خطاب قومي ومحلي، ولكنه لاحظ في المثال هذا أن المستخدمين ردوا بغضب على قانون سمح بحرية الحركة بين البرتغال والدول الناطقة بالبرتغالية، بما فيها دول إفريقية مثل موزمبيق وأنغولا.
وكتب مستخدم “رائع، مزيد من السود الأغبياء لسرقتي في الشارع”. وقد حصل التعليق على 19 إعجابا. وكتب آخر “أفرقة البرتغال ستقود البلد إلى العالم الثالث المتخلف”. ولهذا قام أسانتوس3 الذي يقوم بتحكيم مجموعة أكبر ورئيسية في البرتغال بإرسال تقرير إلى العاملين في ريد إت وتلقى ردا آليا سريعا “بعد التحقيق وجدنا أن ما أبلغ عنه لم يخرق سياسة المحتوى في ريد إت”. وكان الرد مخيبا ولكنه متوقع لـ أسانتوس3 الذي عمل كمتطوع لتعديل المحتوى ولـ 6 سنوات. وكجزء من عمله فهو يقوم بحذف كل المحتوى الذي يشمل على عنصرية وكراهية للمثليين والتمييز بين الجنسين. ويقوم بإرسال تقارير إلى ريد إت عن خطاب الكراهية النابع من جماعات مثل أر/بورتغيز. ووافق أسانتوس3 الحديث مع”تايم” بشرط استخدام لقبه في المنبر. وقال إن واجباته أدت لتعرضه إلى التحرش بما في ذلك وضع معلوماته التي يحتوي عليها حساباه في إنستغرام ولينكيد على الإنترنت، وتعرض للتهديد أيضا. ويقول أسانتوس3 إن الشركة طالما تجاهلت تقارير التحرش التي تعرض لها وعدد آخر من المحكمين. وقال “توقفنا عن الإبلاغ عن هذه الأمور نظرا لعدم تلقينا ردا”. و “ليس لدينا فكرة إن كانوا يقرأون تقاريرنا أو أن هناك من يتحدث البرتغالية في الشركة”.
ويقول المحكمون الحاليون والسابقون، إن مشكلة ريد إت عالمية. وتحتوي المنابر الهندية لريد إت مثل أر/تشوي و أر/ديسي ميتا على منشورات كارهة للإسلام وتدعو لإبادة المسلمين. وفي المنابر الفرعية في الصين مثل أر/سينو وأر/جينزيدونغ يهاجم المستخدمون المسلمين الإيغور ويدعون للعنف ضدهم. ويتبادل المستخدمون للمنابر الفرعية البرتغالية لريد إت التعليقات المعادية للسود والغجر والمهاجرين. وقال 11 دايمنشن، المحكم السابق في ريد إت البرتغالية “بصراحة، أي شيء خارج مجال العالم الإنكليزي يتم تجاهله” و “الصعب تعريف الشركة بطبيعة ما هو عنصري وغير عنصري عندما تكون الإدارة بعيدة عن الخلافات الثقافية وتفاصيلها”.
المجلة تحدثت مع 19 محكما للمنبر حول العالم والذين قدموا قصصهم وعبروا عن مظاهر قلقهم من الشركة التي تتخذ من سان فرنسيسكو مقرا لها،
وكذا ترددها في السيطرة على خطاب الكراهية في المنابر غير الإنكليزية.
ووافق كل المحكمين على الحديث بشرط عدم الكشف عن هوياتهم لأنهم تلقوا تهديدات بسبب عملهم على الإنترنت.
وهؤلاء جزء من آلاف المتطوعين المهمين للشركة. وأعلنت ريد إت أنها ستقوم بطرح مبدئي لأسهمها في 2022. وتقدر قيمة الشركة بـ 10 مليارات دولار وهي المنبر رقم 25 الأكثر متابعة وزيارة على مستوى العالم، وجعلت توسعها العالمي جزءا مهما من استراتيجية النمو والطرح العام. ولكن بعض المستخدمين الموالين لها والمتطوعين المجانيين يقولون، إن الشركة تريد أن تسيطر على صفحات الإنترنت بدون أن تقوم بأي استثمارات بالبنى التحتية ومواجهة الشر المنتشر على المنابر التابعة لها من غير الإنكليزية. وتعترف الشركة أن توسعها العالمي جعل من عملية المراقبة صعبة، فيما قال بعض العاملين إنها اتخذت إجراءات لتصحيح أخطاء الماضي.
وقال متحدث باسمها ” أصبحت عملية التحكيم صعبة عندما بدأنا بفتح منابر في الدول غير الناطقة بالإنكليزية”، مضيفا “نقوم بالاستثمار الآن وبناء وتعيين قدرات غير ناطقة بالإنكليزية وتقديم مزيد من الدعم للغات الأخرى”. وهذه المشاكل ليست خاصة بريد إت بل وعانت منها شركة فيسبوك ويوتيوب وتوتير عندما قررت التوسع عالميا، وبل وارتبطت فيسبوك بالتحريض على الكراهية والعنف الحقيقي في الهند وميانمار والفلبين. وسيراقب سيلكون فالي هذا العام ريد إت وهي تحاول الحصول على الشرعية وموازنة هذا مع مدخلها الحر اللامركزي.
والسؤال: هل يمكن للشركة الحفاظ على حرية التعبير وحماية مستخدميها في الوقت نفسه؟
وهل ستتمكن بإدارة عمليات واسعة اعتمادا على حفنة المتطوعين الذين لا تدفع لها أجرا؟ ويرى الكثيرون أن الشركة ليس لديها محفزات لعمل أي شيء لمواجهة المشاكل في المنابر التابعة لها ولاعتقادها أنها مشاكل نابعة من طريقة إدارة الفروع. وتقول أدريان مساناري، الأستاذة في الجامعة الأمريكية والتي تدرس المنبر منذ سنوات “قاموا ببناء النموذج التجاري الناجح بتحويل المسؤولية للمحكمين والمستخدمين الذين يواجهون الأشياء الرهيبة”.
استخدام صفارات الكلاب للالتفاف على القواعد
أنشئت ريد إت عام 2005 كمنبر رسائل، مع أنه يمكن مقارنتها بمعرض مدرسي خارج المقررات الرسمية. ويحتوي الموقع على مئات من المنابر التي تعتمد على نفسها ومرتبة حسب مصالح متباينة، من الرياضة إلى التجميل والفن والحيوانات الأليفة. وفي الوقت الذي ظلت فيه المنتديات غير ضارة لكن ليس سرا تحول الموقع إلى ملجأ للتصرفات غير الجيدة.
وقال مدير الشركة ستيف هفمان بشكل واضح عام 2018 إن التعليقات العنصرية لا تعتبر خرقا لقواعد الموقع “على ريد إت سيكون هناك أشخاص بمعتقدات مختلفة عنا وأحيانا متطرفة”. لكنها قررت وخلال العامين الماضيين وبعد نقد شديد التحكم بالخطاب. وبخاصة بعد مقتل جورج فلويد وتخلت عن سياسة عدم التدخل وبدأت بعملية تنظيف منتدياتها والحد من السلوك المؤذي والعنصري. وتم حظر المنتديات السامة لريد إت وتم استخدام وسيلة ذكاء اصطناعي للحد من خطاب الكراهية والانتهاكات. وتم إنشاء قنوات سرية بين المحكمين وموظفي الشركة. لكن المحكمين في الفروع غير الناطقة بالإنكليزية يقولون إن التواصل لم يشملهم. ويعتبر أر/الهند من أكبر المجموعات الفرعية للموقع وبـ 693.000 عضوا. ويجد المستخدمون خليطا خليطا من الروابط والميمات والصور، وهذا راجع لجهود المحكمين لتنظيف المحتوى من الخطاب المعادي للإسلام. وفي مقابلة عبر زوم، أخبرت مجموعة مكونة من خمسة محكمين في منتدى الهند المجلة أنها تقضي ساعات في اليوم للرد على أسئلة المستخدمين وحذف خطاب الكراهية ومنع الحسابات المارقة. وقال محكم يعمل منذ 2011 إن الموقف المحايد يعني السماح لأسوأ الناس كي يسيطروا على النقاش و “سيكون هناك الكثير من الناس يتدوالون أمورا مثل: يجب قتل المسلمين”. وعندما كان يتم استبعاد هؤلاء كانوا يعودون بحسابات جديدة ويسخرون من المحكمين بحيث تحول الأمر إلى لعبة سد ثقوب خلند. وفي الوقت الذي استبعدوا فيه من المنبر قاموا بالانضمام إلى مواقع تسمح بتداول الخطاب المثير للجدل. وأكبر مجموعة منشقة هي أر/تشودي والتي ظهرت عام 2019 ولديها 90.000 عضو وتقوم بنشر مئات المحتويات يوميا منها العشرات التي تهاجم المسلمين وتصفهم بالجهلة العنيفين والذين يتزوجون أقاربهم. وجاء في منشور “مساكين هؤلاء الأغبياء يتكاثرون مثل الجرذان، ويحصلون على كل شيء”، وجاء في رد آخر “يجب على الهند التخلص منهم قبل أن ينهضوا”. وزادت شعبية أر/تشودي مع تصاعد جرائم الكراهية في الهند. وتم انتقاد المنتدى من مجموعات أخرى مثل أر/ضد خطاب الكراهية. وقامت هذه المجموعة بمواجهة الخطاب المعادي من خلال إعداد قائمة بالكلمات الممنوع استخدامها. لكن منتدى أر/تشودي لجأ إلى الخطاب الموارب واستخدام الكلمات الغامضة للمرور عبر المحكمين والنظام الإلكتروني لمراقبة اللغة. وبات يشار للمسلمين بـ “أبدول أت ” و “مول أت” أو بعبارات ساخرة “المحبون للسلام” ووصف المسيحيون بمختصر “إكستيان” ” وباكستان بـ “بوركستان” أي بلد الخنزير. وقالت الشركة إن النظام الإلكتروني ساهم بتعديل 90% من الخطاب مع أن الدراسات أظهرت أنه غير قادر على العمل بكفاءة خارج اللغة التي صمم بها. وقال المحكمون الذين تحدثت إليهم المجلة إنهم حاولوا تحذير العاملين الذين يحصلون على رواتب من هذه المشاكل ولكن تم تجاهل تحذيراتهم.
وقال أحدهم “حاولت الإبلاغ عن هذه التعليقات 20 أو 30 مرة”. وقال ثان “حاولت جمع هذه الكلمات البذيئة مع ترجمتها بدون أي جواب”.
وفي بيان قالت الشركة إن الخطاب الداعي للكراهية والعنف والتهديد والتحرش ممنوع على المنبر وأنها تقوم بمراجعة المنتديات التي ينتشر فيها هذا الخطاب.
ويستخدم المتطرفون حول العالم طرقا مثل منتدى أر/تشودي، وكتب منتدى أر/ضد خطاب الكراهية رسالة مفتوحة العام الماضي عن العنصرية المقيتة.
لكن المحكمين لا يعتقدون أن ريد إت فشل في الحد من نشاطات أر/تشودي بل وشجع المستخدمين المتطرفين للانضمام إلى المنتدى. وقال محكم هندي “هذه منتديات كراهية ولا نريد أن يذهب المشتركون إليها” و “يمكنهم اكتشافها بأنفسهم ولا يجب أن يحدث هذا من داخل منتدانا”. وما يجري في فروع الهند هو صورة عن لعبة القط والفأر في أماكن أخرى من العالم حيث تكتسب منتديات اليمين المتطرف جحافل من المشاركين. ففي البرتغال، يحفل أر/بورتوغيز وعدد أعضائه 6.900 شخصا، بالخطاب المعادي للغجر والسامية والسود والمثليين. وقال معلق “كيف يمكن لشخص أن يرى مكانا مزدحما بالأفارقة والبرازيليين والهنود ولا أعرف من؟”. وعندما حاول بعض المراقبين للمحتوى السيء الإبلاغ عن الخروق تعرضوا للتحرش والتهديد. وفي البرازيل، قال محكم من ساو باولو في أر/برازيل قدم نفسه باسم تيت إنه تعرض لحملة تحرش وكشف معلوماته الشخصية عندما حاول وزملاء له الكشف عن خطاب الكراهية في منتدي أر/برزايلفير وعدد أعضائه 176.000 شخصا وتبادل فيه المشاركون بذاءات معادية للسود والمثليين.