دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء إلى إجراء مفاوضات “فورية” مع حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة حول الضمانات التي ينبغي تقديمها لروسيا بشأن أمنها، على خلفية توترات حول أوكرانيا.
وأوضح الكرملين في بيان بعد محادثة بين الرئيس الروسي ونظيره الفنلندي سولي نينيستو، أن “بوتين أشار إلى ضرورة أن تطلق فورًا مفاوضات مع الولايات المتحدة وحلف الأطلسي لتحديد الضمانات القانونية لأمن بلادنا”.
وفنلندا هي وسيط تقليدي بين روسيا وأخصامها الغربيين.
ويعتبر بوتين أن مثل هذه المحادثات يجب أن تسمح بـ”منع التوسّع المستقبلي للحلف نحو الشرق ونشر منظومات أسلحة تهدّد روسيا في أوكرانيا وفي دول أخرى مجاورة”.
كرر الرئيس الروسي الرسالة في محادثة فردية مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وطالبه ب”التعامل بتفهّم مع المخاوف” الروسية، وفق ما أفاد الكرملين.
في لقاء عبر الفيديو مطلع كانون الأول/ديسمبر، طلب الرئيس الروسي من نظيره الأميركي جو بايدن ضمانات قانونية من هذا القبيل، في وقت تعتبر موسكو أن الغربيين انتهكوا الوعود التي قطعوها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، عبر تشريع أبواب الحلف لدول أوروبا الشرقية والجمهوريات السوفياتي السابقة لكبح النفوذ الروسي.
وحذّرت واشنطن والاتحاد الأوروبي، موسكو من أنها في حال أقدمت على غزو مسلّح لأوكرانيا، ستواجه روسيا عقوبات اقتصادية غير مسبوقة، حتى لو أن اجراءات من هذا النوع ليس لديها بعد حتى الآن ومنذ 2014، أي تأثير على السياسة الروسية.
نزاع مستمرّ منذ 8 سنوات
رفض الغربيون استبعاد توسع حلف الأطلسي في وقت تعتبر روسيا أن احتمال انضمام كييف إلى الحلف هو خطّ أحمر. وضمّت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية، ردًا على انتفاضة موالية للغرب عام 2014.
ويُعتبر الكرملين الداعم السياسي والاقتصادي والعسكري للانفصاليين الموالين لروسيا الذين تخوض القوات الأوكرانية حربًا ضدهم منذ نحو ثماني سنوات في شرق أوكرانيا.
وتشتبه الدول الغربية حاليًا بأن روسيا تحضّر غزوًا جديدًا لأوكرانيا وتنشر أعدادًا كبيرة من القوات على حدودهما المشتركة.
يرفض الكرملين هذه الاتهامات ويقول إن روسيا خلافًا لذلك، مهدّدة من جانب حلف الأطلسي الذي يسلّح كييف ويكثّف نشره للطائرات والسفن في منطقة البحر الأسود.
وحذر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف الإثنين من أن موسكو قد “ترد عسكريا” إذا لم تجر المفاوضات المطلوبة.
كما شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مكالمة هاتفية مع نظيرته الألمانية الجديدة أنالينا بربوك الثلاثاء على “ضرورة” تقديم “تعهدات رسمية قانونية بعدم توسع حلف الأطلسي شرقا”.
“الخوف يهيمن”
واتّهم بوتين في محادثته مع نظيره الفنلندي، من جديد السلطة الأوكرانية بانتهاك اتفاقات مينسك التي وضعت خارطة طريق لتحقيق السلام في شرق أوكرانيا (دونباس).
واعتبر أن السلطات الأوكرانية “تراهن بوضوح على القوة في انتهاك لاتفاقات مينسك، مستخدمة في دونباس أسلحة ثقيلة وطائرات مسيّرة مقاتلة”.
وأوفدت واشنطن مساعدة وزير الخارجية لشؤون أوروبا كارين دونفريد إلى كييف وموسكو وبروكسل هذا الأسبوع.
وقالت دونفريد الثلاثاء في كييف حيث بدأت جولتها “هدفنا هو دعم أوكرانيا بينما نعمل على نزع فتيل التوترات” التي نسبت مصدرها إلى القوات التي حشدتها روسيا على الحدود مع أوكرانيا. ومن المتوقع أن تصل المبعوثة إلى موسكو الأربعاء.
من جهتها، أعربت كييف عن عدم رضاها من عدم استعداد الغرب لدعمها عمليًا.
وتندّد كييف بعرقلة عملية انضمامها إلى حلف الأطلسي وبالعقبات في عمليات تسليم منظومات الأسلحة. واتّهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي برلين خصوصًا بمنع تسليم بلاده أسلحة دفاعية.
قال زيلينسكي في مقابلة مع صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية “منعتنا ألمانيا مؤخرًا من الحصول على شحنات بنادق مضادة للطائرات المسيرة وأنظمة مضادة للقنص في إطار (التعاون مع) حلف شمال الأطلسي، وهي أسلحة دفاعية بحتة”.
واضاف أن “أي دولة ديموقراطية تحمي نفسها من العدوان يجب أن يكون لها الحق في الحصول على هذا النوع من الأدوات الدفاعية. ولكن الخوف هو الذي يهيمن دائماً في عواصم معينة”.