يحاكم قضاء جزيرة ليسبوس، اعتباراً من الخميس، لاجئة سورية و23 متطوّعاً شاركوا في عمليات إنقاذ مهاجرين في اليونان أثناء أزمة الهجرة العام 2015، بتهمة المساعدة على “الهجرة غير القانونية”.
ووصف البرلمان الأوروبي، في تقرير صدر في حزيران/يونيو 2021، هذه القضية التي تثير قلق منظمات مدافعة عن المهاجرين، بأنها “الأهمّ حالياً لتجريم التضامن في أوروبا”، علماً أنه من بين المدعى عليهم، سارة مارديني، وهي لاجئة سورية تعيش حالياً في ألمانيا، معروفة بإنقاذها مهاجرين من بحر إيجه مع شقيقتها السباحة الأولمبية، وشاب إيرلندي يُدعى شون بايندر.
وأوقف بايندر ومارديني ووُضعا في الحبس الاحتياطي حوالي 100 يوم العام 2018، وكانا يبلغان آنذاك 23 و25 عاماً، قبل أن يتمّ الإفراج عنهما بكفالة ويغادرا فوراً اليونان. وقال محاميهما هاريس بيتسيكوس لوكالة “فرانس برس” أنهما يواجهان عقوبة السجن خمس سنوات.
وكان الناشطان عضوين في منظمة “المركز الدولي للاستجابة للطوارئ” (ايمرجنسي ريسبونس سنتر انترناشونال) التي كانت تنشط في بحر إيجه حتى 2018، حيث تمّت ملاحقتهما مع المتطوّعين الآخرين بتهمة “المشاركة في منظمة إجرامية” للمساعدة على “الهجرة غير الشرعية”. وبحسب القرار الاتهامي، فإن أعضاء هذه المنظمة كانوا يقدّمون “مساعدة مباشرة لشبكات تنظّم تهريب مهاجرين” بين 2016 و2018، عبر الاستعلام مسبقاً عن وصولهم إلى الجزر وتنظيم استقبالهم من دون إبلاغ السلطات.
وبعض المتهمين ملاحق أيضاً بتهمة “التجسس” لتنصّتهم على أجهزة اللاسلكي التابعة لخفر السواحل اليونانيين ووكالة مراقبة الحدود الأوروبية “فرونتكس”، حسبما جاء في بيان لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” أوشحت فيه إلى أن هذه الأجهزة لم تكن مشفّرة، لكن المحامي بيتسيكوس أوضح أن تهمتَي “المشاركة في منظمة إجرامية” و”انتهاك أسرار الدولة” اللتين تعرضهم لعقوبة السجن المؤبّد، “مازالتا موضع تحقيق” مشيراً إلى أنه “قد تكون هناك محاكمة منفصلة” لهاتين التهمتين.
وأشارت “هيومن رايتس ووتش” إلى أن مارديني لن تكون موجودة الخميس في جزيرة ليسبوس لأن السلطات اليونانية رفضت رفع منع دخولها إلى البلاد. وقالت الشابة السورية في مقطع فيديو نشرته منظمة العفو الدولية “أمنستي”: “على الأقلّ لم نعد قيد الاعتقال”، لكننا “نريد أن ينتهي ذلك. نحن مرهقون جداً” بعد هذه السنوات الثلاث “القاتمة”. وأضافت خلال وصفها عملية توقيفها العام 2018: “اعتقدت أنني في لعبة شطرنج ونحن كنا فيها بيادق وكانوا يلعبون بنا”.
في المقابل، سيكون بايندر متواجداً في ليسبوس، إذ تحدث في فيديو “أمنستي” عن توقيفه، موضحاً إلى أي مدى كان “فظيعاً” أن يكون مسجوناً “فقط لمحاولة مساعدة الناس”.
وبحسب المنظمة، فإن “التحقيق ضد سارة وشون ليس حالة معزولة. فهو يرمز في اليونان وأوروبا، للاستخدام المفرط للقوانين لملاحقة أشخاص يقدّمون المساعدة أو يتصرّفون بتضامن مع اللاجئين والمهاجرين”. وذكّر المحامي بيتسيكوس بقضية مشابهة كانت تشمل ثلاثة إسبان ودنماركيَين متهمَين بالمساهمة في دخول مهاجرين بشكل غير قانوني إلى ليسبوس مع منظمة “بروم-إيد” الإسبانية، لكنّ تمّت تبرئتهم أخيراً في أيار/مايو 2018. وأوضح أنه قد يجري إرجاء محاكمة الخميس بسبب “عيوب إجرائية”.
وكانت سارة وشقيقتها يسرى، العضو في منتخب اللاجئين الأولمبي في أولمبياد 2016 و2020، وصلتا في آب/أغسطس 2015 إلى ليسبوس قادمتيَن من السواحل التركية، ووقتها أنقذتا 18 راكباً حين كان مركبهم يواجه صعوبة في الإبحار وقادتاه إلى الشاطئ، علماً أن قرابة مليون مهاجر وطالب لجوء كانوا قد عبروا البحر المتوسط بين تركيا واليونان خلال أزمة الهجرة في العام 2015.