يني شفق: المخابرات الإيرانية تستفز تركيا بورقة اللاجئين ” الأفغان ” و ” السوريين “

في مقال نشره رئيس التحرير الأسبق لصحيفة “يني شفق” التركية إبراهيم قراغول، أشار فيه إلى الدور الإيراني في مسألة اللاجئين الأفغان والسوريين، قائلاً إن “الملفين يشهدان حركة استفزازية داخل تركيا على يد أذناب إيران سعياً منهم لشل حركة تركيا في سوريا وأفغانستان”.

وجاء في المقال:

تعتبر أفغانستان البوابة الجنوبية لآسيا الوسطى. وقد سعت الإمبراطوريات على مر العصور السيطرة على تلك الأرض، لكن أحدا لم ينجح. احتل الاتحاد السوفيتي أفغانستان عام 1979 وكانت ستصل إلى المحيط الهندي عن طريق احتلال باكستان لاحقا، لكن هذا الاحتلال أفضى لانهيار الاتحاد السوفيتي.

كما احتلت أمريكا أفغانستان عام 2001، أما طالبان والقاعدة فكانتا حجة فقط، فكانت واشنطن تريد تأسيس “حامية غربية” قوية بجانب الصين وجنوبا إلى روسيا لتكون خطوتها الجيوسياسية القوية في آسيا الوسطى وجنوب آسيا.

لقد أراد الغرب احتلال المنطقة للمرة الثانية في صورة الإسكندر الأكبر الغربي، فكان يبني أهم قلاع إمبراطورتيه الدولية ليحجز نفسه مكانا وسط مثلث روسيا والصين والهند ليؤسس لنفسه كيانا بين هذه الدول العظمى؛ إذ إن الولايات المتحدة أرادت تأسيس إمبراطورية عالمية.

أمريكا تخسر آسيا الوسطى في “اللعبة الكبرى الثالثة”

لكنها فشلت في ذلك أيضا. وفي الواقع تعتبر هزيمتها في أفغانستان (فالولايات المتحدة هزمت في أفغانستان) أحد أهم عوامل تراجع الولايات المتحدة التي خسرت هي الأخرى بعد الاتحاد السوفيتي في الماضي، ولا شك أنها ستدفع ثمن هذا الاحتلال غاليا.

ولن تقتصر خسارة أمريكا على أفغانستان فقط، بل إنها وأوروبا خسرتا كذلك في آسيا الوسطى وجنوب آسيا، خسرتا في مخططاتهما لحصار روسيا وترويض الصين.

فإذا كانت حسابات الاحتلال ليست متعلقة بطالبان والقاعدة أو قاصرة على أفغانستان فإن نتائج الخسارة لن تقتصر على أفغانستان وطالبان.

ولقد رسموا ملامح “اللعبة الكبرى” للتاريخ السياسي بين بريطانيا وروسيا من خلال أفغانستان وما حولها، فكانت هذه “اللعبة الكبرى الأولى”، أما الاحتلال السوفيتي فكان “اللعبة الكبرى الثانية”، بينما كان الاحتلال الأمريكي “اللعبة الكبرى الثالثة”.

من يريدون إبعاد تركيا عن المنطقة يلعبون اللعبة بالداخل

والآن فهم يؤسسون اللعبة مجددا ليشارك بها هذه المرة روسيا والصين والهند وأمريكا وبريطانيا وتركيا وباكستان وإيران. لكن لا يمكن لأحد أن ينكر أن أمريكا وأوروبا لن تستطيعا التأثير في أفغانستان لفترة طويلة.

ستشهد الفترة المقبلة ظهور مبادرة تركيا في أفغانستان على الساحة بشكل أكبر لتعمل عن كثب مع باكستان وأوزباكستان وتركمانستان وقيرغيزستان بشأن أفغانستان. وسيدرك الجميع شراكات تركيا في أفغانستان وآسيا الوسطى عقب تواجدها في ليبيا ومعركة قره باغ.

أما قضية “اللاجئين الأفغان” فمرتبطة تماما بهذا الصراع بين القوى. كما أن الذين يريدون إبعاد تركيا عن المنطقة يلعبون اللعبة بالداخل ويلعبون على وتر الرأي العام الداخلي. لكن هذه المسألة ليست مسألة لاجئين بل إنه صراع بين القوى من خلال ورقة اللاجئين.

إيران تستفز بورقة اللاجئين “الأفغان” و”السوريين”

ولعلي ألفت انتباهكم إلى الدور الإيراني في مسألة اللاجئين الأفغان والسوريين، فكلا الملفين يشهدان حركة استفزازية داخل تركيا على يد أذناب إيران سعيا منهم لشل حركة تركيا في سوريا وأفغانستان.

لذلك ربما تكون إيران بدأت في أفغانستان اتباع استراتيجية “الحرب غير المباشرة ضد تركيا” التي تتبعها في سوريا (وهو ما رأيناه بالفعل في حلب). بل أظن أن الأزمة لو تفاقمت ستتدخل إيران في شؤون أفغانستان الداخلية.

وهناك احتمال كبير أن تكون تركيا في هذ الحالة تجري عمليات مشتركة شمال أفغانستان (في تركستان الجنوبية) مع الجمهوريات التركية لتستعد لمثل هذا الوضع الجديد.

يجب الانتباه للعناصر الإيرانية داخل تركيا!

إنهم للأسف يستهدفون تقاربنا في أفغانستان وآسيا الوسطى من داخل تركيا. فهناك بعض الأحزاب السياسية والعناصر الإيرانية داخل تركيا القادرة على تحويل هذا الأمر إلى مسألة أمن قومي داخلي وحالة من عدم الاستقرار السياسي. لذلك علينا اتخاذ ما يلزم من تدابير لمواجهة هذا الأمر بشكل عاجل.

إن مخطط “إسقاط أردوغان وإيقاف تركيا” مخطط عالمي. وهو ما جربته أمريكا وأوروبا كثيرا، وكذلك فعلت السعودية والإمارات، وهو ما تفعله إيران الآن.

يجب تنوير الرأي العام في تركيا واتخاذ التدابير اللازمة بشأن قضية اللاجئين السوريين والأفغان، يجب ألا نسمح بأن يوقفوا هذا الصعود الكبير من الداخل كذلك.

لا يستطيع أحد قطع طريق تركيا

سواء بالداخل أو الخارج

إن الولايات المتحدة تنهار في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا، فهي تركز قوتها بالكامل على جنوب شرق آسيا وتحاول اتخاذ موقف دفاعي. أما تركيا فستكون القوة المفاجئة للقرن الـ21. لذلك علينا ألا نسمح بأن يوقفوا هذه الموجة من الداخل.

إن أفغانستان ليست قاصرة على نفسها أو طالبان، بل إنها تعني آسيا الوسطى وجنوب آسيا، ولا يمكن اختزال قيمتها في مسألة “اللاجئين” أو أنشطة المخابرات الإيرانية وأذناب طهران داخل تركيا. كما لا يمكن السماح بأن يستهدفونا سواء في سوريا أو أفغانستان.

ذلك أنهم مثلوا أرمينيا في حرب قره باغ ومثلوا اليونان في بحر إيجة ومثلوا حفتر وفرنسا في ليبيا ومثلوا أمريكا وأوروبا في شرق المتوسط ولم ولن يمثلوا تركيا أبدا.

لا يمكن أن نسمح لأحد بقطع الطريق أمام تركيا بالداخل والخارج، وإن فعلنا فسنخسر هذا القرن، ذلك لأن لتركيا حسابات كبيرة للغاية.


عن صحيفة ” يني شفق ” التركية ، للاطلاع على الموضوع الأصلي اضغط هنا

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية