الخطاب السياسي المستفز والمحرّض ضد اللاجئين في تركيا لا سيما السوريين بشكل خاص، آتى أكله عبر جرائم وأعمال عنف شهدها حي “ألتنداغ” في العاصمة التركية أنقرة.
شهد حي ألتنداغ في العاصمة التركية أنقرة أعمال عنف مساء الأربعاء الماضي، قامت بها مجموعات من أهالي الحي، ضد السوريين المقيمين هناك، شملت رمي منازل ومحلات وممتلكات السوريين بالحجارة.
وتمخضت تلك الاعتداءات التي لم تفرق بين بريء ومتهم، عن إصابة طفل سوري يدعى إبراهيم يبلغ من العمر 6 أعوام، في مشهد مأساوي يصوّر فظاعة ما حدث.
ما الذي حدث؟
بدأت مشاجرة كلامية بين مجوعتين من الأتراك والسوريين، في حديقة عامة بحيّ ألتنداع في العاصمة أنقرة، لتتوسع المشاجرة إلى اعتداء بالسكاكين، أسفرت عن مقتل الشاب التركي أمير هان يالجين (18 عامًا) وإصابة آخر يدعى علي ياسين غولر، على يد السوريّ ي.أ.
وبعد نقل يالجين إلى المستشفى وعلى الرغم من كل المداخلات الطبية والإسعافات، فقد حياته هناك، بينما بقي الآخر مصابًا، أما المتهم فقد ألقت قوات الأمن القبض عليه.
وعقب هذه الحادثة شهد الحي أعمال عنف جسيمة فاقت حدود المعقول، وتسببت بإيذاء وإلحاق الضرر بأناس أبرياء.
أنتم مسؤولون عن هذه الدماء
من جانبه يرى مراقبون أنّ الخطاب السياسي المعارض ضد اللاجئين في تركيا والسوريين بشكل خاص، هو المسؤول عن أعمال عنف وجرائم تفرزها حالة الكراهية والتحريض والتصريحات المستفزّة من قبل مجموعة من السياسيين المحسوبين على المعارضة في تركيا.
ويشهد الشارع التركي تكثيفًا غير مسبوق من قبل مجموعة من الساسة المعارضين، خلال الشهور القليلة الأخيرة، حول الخطاب المعادي للاجئين والمحرّض ضدهم.
وتلعب وسائل التواصل الاجتماعي لا سيما تويتر، دورًا كبيرًا في إزكاء نيران تلك الخطابات التحريضية، وذلك عبر أكاذيب تنشرها شخصيات معارضة وتتلقفها عشرات الحسابات، تتهم السوريين وتلفق حولهم إشاعات باطلة.
ويواصل زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليجدار أوغلو، وزعيمة حزب الجيد المعارض ميرال أكشنار، والنائب البارز السابق في حزب الجيد أوميت اوزداغ، ورئيس بلدية بولو المعارض من الشعب الجمهوري تانجو أوزكان، والعديد من شخصيات بارزة في الشعب الجمهوري والجيد، تكثيف حملتهم ضد اللاجئين والسوريين خاصة، مما يساهم في تأجيج الوضع بشكل أكبر.
وكان كليجدار أوغلو قد صرح في يوليو/تموز الماضي حول عزمه طرد اللاجئين السوريين إلى بلدهم، في حال فاز حزبه بالسلطة، وتوعد بأن يمهد الطريق لذلك من خلال إصلاح الوضع بسوريا وتأمين عودتهم إلى هناك.
ويعرف كليجدار أوغلو بعلاقته الطيبة مع النظام السوري ورئيسه بشار الأسد، حيث دعا مرارًا إلى ضرورة إعادة العلاقات مع نظام الأسد من أجل تأمين عودة اللاجئين السوريين.
إلى جانب ذلك يواصل النائب المعارض أوميت أوزداغ الترويج لأكاذيب وإشاعات حول السوريين في تركيا، من قبيل أنهم يتلقون مساعدات مالية من الحكومة وما شابه، وتأجيج عاطفة الأتراك ضدهم.
وعلى صعيد آخر برز رئيس بلدية بولو المعارض تانجو أوزكان من حزب الشعب الجمهوري، عبر تصريحاته التي توعد فيها برفع فاتورة المياه 10 أضعاف للأجانب المقيمين هناك، الشيء الذي ساهم في تأجيج حالة كراهية الأجانب واللاجئين هناك.
انتقادات واسعة
يشار إلى أن ما جرى من أعمال عنف طالت مهاجرين سوريين بريئين، لاقى ردود فعل واسعة من قبل مسؤولين وسياسيين وصحفيين أتراك.
وكان رئيس الهلال الأحمر التركي كرم قنق، انتقد ما جرى عبر تغريدة على حسابه في تويتر، استهجن خلالها الاعتداء على منازل الناس ليلًا، مشيرًا إلى أن عددًا من اللاجئين تقدم بالشكوى لدى الهلال الأحمر وأطلعوهم على قلقهم إزاء حياة أطفالهم.
وندد قنق بما جرى، مؤكدًا على أن ذلك خارج نطاق الإنسانية والحقوق والأخلاق.
وشارك قنق صورة طفل سوري أصيب جراء تلك الاعتداءات، ونقل إلى المستشفى، مناشدًا المواطنين الأتراك بعدم فعل ذلك.
من جانبه اعتبر رئيس تحرير يني شفق السابق، إبراهيم قراغول، أن أيادي خفية تهاجم تركيا من الداخل والخارج، لافتًا إلى أن ذلك بات واضحًا في الآونة الأخيرة.
وأشار قراغول إلى أن الأعمال التحريضية بدأت أولًا بإثارة النقاش حول السوريين، ثم تطورت إلى حرائق الغابات، ثم إلى تأجيج الوضع عبر أكذوبة هجرة الأفغان غير الشرعية، وأخيرًا دعوات صريحة لمهاجمة السوريين.
وتعمد بعض أوساط المعارضة في تركيا على رأسها حزب الشعب الجمهوري، إلى التحريض ضد اللاجئين ومعاداة الأجانب، كورقة يستثمرونها من أجل الوصول إلى السلطة.