في الوقت الذي يلهج فيه الفنانون وعموم التشكيليين السوريين للبحث والتعبير عن قضايا واقعية واجتماعية وتصوير للمشكلات السورية العظمى في طريق الآلام الذي تعرض ويتعرض له السوريون لمطالبهم بالحرية والكرامة والوجود داخلا وفي المنافي والشتات.
ينفرد المصور الفنان أحمد البكار بكاميرته للبحث الفني الدؤوب في اكتشاف كنوز الطبيعة، والتراث التجريدية الفارقة والمعبرة عن إبداع مكتنز وابدي للفن.….
في أحجار .. بقايا أشجار .. بيوت.. حاجيات.. صخور.. جدران، أبواب ، أوراق شجر عاديات إلخ …..
وذلك فوق موقفه الواضح والعازم مع ثورة شعبنا والتعبير كتابة عن همومه وآلامه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بدءا من منطقته التي عاش فيها مدينة الرقة ووعى آلامها وحتى آخر شبر في الأرض السورية..
وهنا لابد من الوقوف عند تجربته الفنية الطويلة، وقراءتها بعمومها وعلى ضوء هذا التشكيل الذي يعرضه اليوم .. أي لهذا التشكيل الفني الفظيع.
لابد من قراءة فاردة لا في إطار العابر، والمتعجل بل في عمق تشكلات الكون، والمعنى وإن بدا الوجود على عبثية لا تفسير لها، تساوقا مع الكون، فإن الإحساس بالصور، وتشكيلها المتداخل والجادل في الطبيعة، لايمكن العبور عنها كذرّ الغبار، وخطف المحو على التراب، بل هنا في حضور مدهش لذاكرة الغارق، والموّار في أعماق دفينة وقارة.. ولعل العمل علىالتكوين التشكيلي وقراءته اكثر ايجابية من السؤال من ولماذا وكيف؟ ..
ومع ذلك فهنا لدينا العمل التعبيري والفنان الماهر الذي التقطه وانتقاه وعرضه ليكون فنا، أو بصفته فنا للطبيعة التي حكما لاتتشكل وفق واعيتها، بل بحضورها تشكّلاً اعلى تقوم به مصادفات وتلاقيات ظروف وعوامل ومناخات ازمان بعيدة وظروف لا تتكرر بتوافقات زمنية واحدة..
هذا العمل التشكيلي التعبيري وسواه مما يلتقطه البكار ويضع عليه بصمته لينقله من حيز الصدفة واللازمنية إلى الإطار الفني في الاهتمام الإنساني .. فيصير فناَ فاعلاً ومؤثراَ في الثقافة والذائقة، والنقد القرائي الفني، وليصير فاعلاً بمعنى التأثير على الفن الإنساني تنافساَ وتجدداَ وابتكاراَ، ليس في إطار تقليد الطبيعة والتأثر بإبداعها، بل في تجاوز إبداع الطبيعة إلى الإبداع البشري الذي شكل تراكماَ وثروة انسانية عبر العصور.. من البدائية إلى التجريدية وتيارات تمردها المتفلتة من كل تحجيم وتقنين وتأطير..
أي من فن الضرورة إلى فنون الحرية التي لا ساحل لها (حسب ابن عربي) في وصفه للنفس البشرية.
والفن التصوير التعبيري عند البكار لايبحث عن جماليات بقدر مايبحث عن اكتشاف بكارات تجريد في الطبيعة، والتراث وتعبير بعيد وعميق عن آفاق جديدة ورؤى سحر وإبداع لا ينتهي..
نحن إذا وباستمرار مع هذا الفنان وأعماله في تتبع وابتكار مفازات تذوّق وتجدّد وقراءات فنية وحسية ورؤيوية جديدة..
ولو ننتظر معارض مشهودة له، وفرادات فنية ونقدية لأعماله وصوره، تؤكد أنه فنان سوري اصيل ابدع مايضيف ويحرك ويضيء فنا ويضيف إلى الهوية الإبداعية السورية جمالية وسحرا.