قصص قصيرة جدا …لـ: عبدالكريم المقداد

عبدالكريم المقداد
كاتب سوري

من بحيرة “الوجع”

بعدما تعتعه السكر في حانة جوزيف، إثر أمسيته الأدبية التي لم يحظرها إلا اثنان، أخذ طريقه نحو البيت خلل أشعة فجر الصيف الفيروزية. وبينما يحاول كبح تمرد خطاه، باغتته الدورية:
– إلى أين أيها القوّاد؟أما انتهيت بعد!
– قواد..! أرجو أن لا تسيء الظن يا حضرة..
– ظن؟! اصعد وإلا شوّهت وجهك.
عند وصولهم، اقتادوه إلى المحقق.
– سيدي.. ألقينا القبض على هذا القواد قبل قليل أمام سينما الحسين.
– سينما الحسين.. ام م م سينما إذن. أكان اجتماع حزبكم في السينما هذه الليلة أيها الوغد؟

– حز … في عرضك يا سيدي ..أنا قواد .. قواد.

عطش

تهنا في طريق العودة.
جبنا الصحراء في كل الاتجاهات، حتى نفد البنزين.
هدًنا العطش، ولم يتبق معنا إلا جرعة ماء.
ببطء وخفر، أمد يدي إليها، ثم أسحبها.
تماما، كما تفعل هي.
صرنا نتحاشى لقاء العيون.
تكرر المد والسحب كثيرا.
في المرة الاخيرة،
نفد صبري.تناولت الجرعة، وشربتها.

بنت شوارع

طلّقها أخيرا. لا أدري كيف تحمّلها كل تلك المدة!
مظهرها يفضح كل العورات.
مشيتها تثير الريبة. صوتها يجذب الصغير قبل الكبير.
لطالما أشعرته بالمهانة أمام الناس.
كلما ظن أنه نجح في إصلاحها، تفاجئه بعيوب جديدة.
صار يخجل بها أمام أقاربه ومعارفه.
اليوم فقط، اقتنع تماما بلا جدواها.
باعها لـ ” السكراب ” علّهم يستفيدون منها كقطع غيار.

نباح !

أناخ عليه الإرهاق، ولم يمهله حتى انتهاء العمل، والوصول إلى مسكنه ليرفعه عن كاهله.
راق له ظل شجرة إلى جانب إحدى العمارات، فنوى استراق قيلولة تخلّصه من قسط ولو يسير من التعب.
سحبه الحلم سريعا إلى أجواء سوريا ما قبل اللجوء،
لكن ما يشبه النباح كان يخالط حلمه، فيفسد عليه المتعة.
علا، وتكرر، فأجبره على التماس الواقع.
التفتَ إلى حيث الصوت في الطابق الثالث،
فرأى على الشرفة كلبا صغيرا ناصع البياض، كأنه خرج لتوّه من الحمّام.
نظر إليه مليا، وناجاه متسائلا: بربك.. مَن يُفترض به أن ينبح على الآخر؟!


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية