تقرير: سياسات الصين بتحديد نسل مسلمي الإيغور ترقى إلى الإبادة الجماعية

زرع أجهزة داخل الرحم

A woman carries a child at night in the old town of Kashgar, Xinjiang Uighur Autonomous Region, China, March 23, 2017. REUTERS/Thomas Peter/File Photo

تسعى الصين إلى تحديد النسل للإيغور والأقليات العرقية الأخرى جنوب شينجيانغ، ويمكن ذلك أن يؤدي إلى خفض ما بين 2.6 إلى 4.5 مليون ولادة في غضون 20 عاماً، ما يصل إلى ثلث الأقليات المتوقعة في المنطقة، وذلك وفقاً لتحليل جديد أجراه باحث ألماني، بحسب ما ذكرت وكالة “رويترز”.

ويتضمن التقرير الجديد أبحاثاً لم يتم الإبلاغ عنها سابقاً أنتجها أكاديميون ومسؤولون صينيون حول نية بكين وراء سياسات تحديد النسل في شينجيانغ، إذ تظهر البيانات الرسمية أن معدلات المواليد انخفضت بالفعل بنسبة 48.7% بين 2017 و2019.

ووفقاً لـ”رويترز”، يأتي تقرير الباحث الألماني، أدريان زينز، وسط دعوات متزايدة من بعض الدول الغربية لإجراء تحقيق في ما إذا كانت تصرفات الصين في شينجيانغ ترقى إلى الإبادة الجماعية، وهو اتهام تنفيه بكين بشدة.

ووسط ذلك، يعتبرُ البحث الذي أجراه زينز أول تحليل من هذا القبيل لمراجعة الأقران للتأثير السكاني طويل المدى لحملة بكين المتعددة السنوات في المنطقة الغربية.

وتقول الجماعات الحقوقية والباحثون وبعض السكان إن السياسات تشمل حدود المواليد المطبقة حديثاً على الإيغور والأقليات العرقية المسلمة الأخرى، ونقل العمال إلى مناطق أخرى، واحتجاز ما يقدر بمليون من الأقليات العرقية في شبكة من المعسكرات.

وفي حديثٍ لوكالة “رويترز”، يقول زينز: “هذا البحث والتحليل يظهر حقاً القصد من خطة الحكومة الصينية طويلة المدى لسكان الإيغور”.

ولم تعلن الحكومة الصينية عن أي هدف رسمي لخفض نسبة الإيغور والأقليات العرقية الأخرى في شينجيانغ. ولكن استناداً إلى تحليل بيانات المواليد الرسمية، والتوقعات الديموغرافية والنسب العرقية التي اقترحها الأكاديميون والمسؤولون الصينيون، يقدر زينز أن سياسات بكين يمكن أن تزيد من عدد السكان الهان الصينيين المهيمنين في جنوب شينجيانغ إلى حوالى 25% من 8.4% حالياً.

وزعمت الصين سابقاً إنّ الانخفاض الحالي في معدلات المواليد من الأقليات العرقية يرجع إلى التنفيذ الكامل لحصص المواليد الحالية في المنطقة، بالإضافة إلى عوامل التنمية، بما في ذلك زيادة دخل الفرد وتوسيع نطاق الوصول إلى خدمات تنظيم الأسرة.

A child looks out from a door as a Uighur woman walks by in a residential area in Turpan, Xinjiang Uighur Autonomous Region October 31, 2013. REUTERS/Michael Martina/File Photo

وقالت وزارة الخارجية الصينية لـ”رويترز” في بيان إنّ “ما يسمى بالإبادة الجماعية في شينجيانغ هو محض هراء”، وأضافت: “إنه مظهر من مظاهر الدوافع الخفية للقوى المعادية للصين في الولايات المتحدة والغرب”.

ولفتت الوزارة إلى أنّ البيانات الرسمية التي تظهر انخفاض معدلات المواليد في شينجيانغ بين عامي 2017 و2019 لا تعكس الوضع الحقيقي، وأن معدلات مواليد الإيغور لا تزال أعلى من الهان في شينجيانغ”.

ويقارن البحث الجديد الإسقاط السكاني الذي أجراه باحثون مقيمون في شينجيانغ لصالح الأكاديمية الصينية للعلوم التي تديرها الحكومة استناداً إلى البيانات التي سبقت الحملة مقارنة بالبيانات الرسمية حول معدلات المواليد وما تصفه بكين بإجراءات “تحسين السكان” للأقليات العرقية في شينجيانغ، وتمّ تقديمه منذ العام 2017.

ووجد البحث أن عدد سكان الأقليات العرقية في جنوب شينجيانغ الذي يغلب عليه الإيغور سيصل إلى ما بين 8.6-10.5 مليون نسمة بحلول عام 2040 بموجب سياسات منع الولادة الجديدة.

ويقارن ذلك بـ 13.14 مليون توقعها باحثون صينيون باستخدام بيانات تعود إلى ما قبل سياسات الولادة المطبقة ويبلغ عدد السكان الحالي حوالى 9.47 مليون نسمة.

من جهتها، اتهمت وزارة الخارجية الصينية زينز بـ “تضليل” الناس بالبيانات، ورداً على أسئلة “رويترز”، قالت الوزارة إن “أكاذيبه لا تستحق دحضها”.

وأدريان زينز، هو باحث مستقل في مؤسسة ضحايا الشيوعية التذكارية، وهي منظمة غير هادفة للربح تتخذ من واشنطن مقراً لها.

وسبق لبكين أن أدانت زينز لأبحاثه التي انتقدت سياساتها بشأن احتجاز الإيغور ونقل العمالة الجماعية وتقليل عدد المواليد في شينجيانغ.

في 3 يونيو/حزيران، حظي بحث زينز بقبول “Central Asian Survey”، وهي مجلة أكاديمية ربع سنوية، بعد مراجعة الأقران. وشاركت وكالة رويترز البحث مع أكثر من 10 خبراء في تحليل السكان وسياسات منع الولادة والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وقد قالوا إن استنتاجات التحليل كانت سليمة.

وحذر بعض الخبراء من أن التوقعات الديموغرافية على مدى عقود يمكن أن تتأثر بعوامل غير متوقعة. ومع هذا، لم تحدد حكومة شينجيانغ علناً الحصص العرقية الرسمية أو أهداف حجم السكان للسكان العرقيين في جنوب شينجيانغ، وتستند الحصص المستخدمة في التحليل إلى الأرقام المقترحة من المسؤولين والأكاديميين الصينيين.

Demonstrators hold placards during a protest against Uyghur genocide, in London, Britain April 22, 2021. REUTERS/Peter Nicholls/File Photo

تناقضٌ واسع

وتتناقض خطوة منع المواليد بين الإيغور والأقليات الأخرى بشكل حاد مع سياسات الولادة الأوسع في الصين والتي طبقت مؤخراً.

وفي الأسبوع الماضي، أعلنت بكين أنه يمكن للأزواج إنجاب 3 أطفال، وهو أكبر تحول في السياسة منذ إلغاء سياسة الطفل الواحد في عام 2016 استجابة لشيخوخة السكان السريعة في الصين.

ولم يتضمن الإعلان أي إشارة إلى أي مجموعات عرقية محددة. وقبل ذلك، حدّت الإجراءات رسمياً من أغلبية مجموعة الهان العرقية والأقليات في البلاد بما في ذلك الإيغور لطفلين إلى 3 في المناطق الريفية.

ومع ذلك، تم استبعاد الإيغور والأقليات العرقية الأخرى جزئياً من حدود المواليد كجزء من السياسات التفضيلية المصممة خصيصاً لمجتمعات الأقليات.

ويقول بعض السكان والباحثين والجماعات الحقوقية إن القواعد المطبقة حديثاً تؤثر الآن بشكل غير متناسب على الأقليات الإسلامية، التي تواجه الاحتجاز لتجاوز حصص الولادة، بدلاً من الغرامات كما هو الحال في أماكن أخرى في الصين.

وفي سجل للحزب الشيوعي مسرب في العام 2020، تم الإبلاغ عنه أيضاً من قبل زينز، أدرج معسكر إعادة التثقيف في مقاطعة كاراكاكس بجنوب شينجيانغ انتهاكات المواليد كسبب للاعتقال في 149 حالة من أصل 484 حالة مفصلة في القائمة. وصفت الصين القائمة بأنها “ملفقة”.

قال 3 من الإيغور ومسؤول صحي واحد داخل شينجيانغ لـ”رويترز” إن حصص الولادة للأقليات العرقية أصبحت مطبقة بصرامة في شينجيانغ منذ عام 2017، بما في ذلك من خلال فصل الأزواج واستخدام إجراءات التعقيم والأجهزة داخل الرحم والإجهاض.

وأشار 2 من الإيغور إلى إن لديهما أفراد عائلات مباشرون تم احتجازهم بسبب إنجابهم الكثير من الأطفال.

إلى ذلك، قال المسؤول المقيم في جنوب شينجيانغ، والذي طلب عدم نشر اسمه خوفاً من انتقام الحكومة المحلية: “الأمر ليس متروكاً لنا للاختيار. يجب على جميع الإيغور الامتثال. إنها مهمة عاجلة”.

ولم ترد حكومة شينجيانغ على طلب للتعليق حول ما إذا كانت حدود المواليد تطبق بشكل أكثر صرامة ضد الإيغور والأقليات العرقية الأخرى، فيما يقول مسؤولو شينجيانغ سابقاً إن جميع الإجراءات طوعية.

ومع ذلك، في مقاطعات شينجيانغ حيث يشكل الإيغور غالبية عرقية، انخفضت معدلات المواليد بنسبة 50.1% عام 2019، مقارنة بانخفاض 19.7% بداخل مقاطعات التي يغلب عليها الهان، وفقاً لبيانات رسمية جمعها التحليل.

يقول تقرير زينز إن التحليلات التي نشرها الأكاديميون والمسؤولون المموّلون من الدولة بين عامي 2014 و 2020 تُظهر أن التنفيذ الصارم للسياسات مدفوعة بمخاوف الأمن القومي، وتحفزها الرغبة في تخفيف تعداد الإيغور وزيادة هجرة الهان وتعزيز الولاء للحزب الشيوعي الحاكم.

على سبيل المثال، 15 وثيقة تم إنشاؤها من قبل الأكاديميين والمسؤولين الممولين من الدولة والتي تم عرضها في تقرير زينز، تتضمن تعليقات من مسؤولي شينجيانغ وأكاديميين تابعين للدولة تشير إلى الحاجة إلى زيادة نسبة سكان الهان وتقليل نسبة الإيغور.

من جهته، قال ليو ييلي، الأكاديمي ونائب الأمين العام للجنة الحزب الشيوعي في شينجيانغ، وهي هيئة حكومية، في وقت سابق: “المشكلة في جنوب شينجيانغ هي أساساً التركيبة السكانية غير المتوازنة حيث نسبة سكان الهان منخفضة للغاية”.

من جانبه، قالت عميد معهد التاريخ والجغرافيا بجامعة تاريم في شينجيانغ، لياو تشاو، خلال حدث أكاديمي عام 2015، قبل وقت قصير من تطبيق سياسات الولادة وبرنامج الاعتقال الأوسع بالكامل، إنه يجب على شينجيانغ “إنهاء هيمنة مجموعة الإيغور”.

ولم ترد لياو على طلب للتعليق. ولم يتسن الوصول إلى ليو للتعليق. ولم تعلق وزارة الخارجية على تصريحاتهم أو القصد من وراء هذه السياسات.

ويشير زينز وخبراء آخرون إلى اتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والتي تُدرج منع الولادة الذي يستهدف مجموعة عرقية كعمل واحد يمكن وصفه بأنه إبادة جماعية.

وصفت حكومة الولايات المتحدة وبرلمانات دول منها بريطانيا وكندا سياسات منع الولادة والاحتجاز الجماعي في شينجيانغ بأنها إبادة جماعية.

ومع ذلك، يقول بعض الأكاديميين والسياسيين إنه لا توجد أدلة كافية على نية بكين تدمير مجموعة سكانية عرقية جزئيا أو كليا للوصول لمرتبة الإبادة الجماعية.

ولم يتم توجيه مثل هذه التهم الجنائية الرسمية ضد المسؤولين الصينيين أو شينجيانغ بسبب نقص الأدلة المتاحة والرؤية الثاقبة للسياسات في المنطقة، كما أن مقاضاة المسؤولين ستكون معقدة وتتطلب معيارا عاليا للإثبات.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الصين ليست طرفاً في المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، وهي أعلى محكمة دولية تحاكم الإبادة الجماعية وغيرها من الجرائم الخطيرة، والتي يمكنها فقط اتخاذ إجراءات ضد الدول الواقعة ضمن اختصاصها القضائي.


عن ” رويترز ” للاطلاع على الموضوع الأصلي اضغط هنا

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية