ريحة مطر …..لـ : محمد إقبال بلّو

محمد إقبال بلّو
شاعر سوري

لا وزنَ يكسرُ ما يشعُّ من الخريطةِ

عابراً بحر اللجوءِ

من الفرات إلى الشمال

إلى البرودةِ والصقيعْ

بحرُ اللجوءِ يمرّ فوق بحوركم فالشعرُ والإنسان

قد عبرا على جِلْد الدفاترِ

كسّرا كل السطورِ ومزّقا كلّ الورقْ

ريحِةْ مطر وينك يا تشرينِ الخمسطعشرْ سِنيْ

يا شهرَ خيبَتِنا الذي طيّرْت نسماتِ الخريفِ

على جباهِ المتعبينَ

وبِسْتَها أقنعْتَها أنّ الحرارةَ ذاتها أمّ الصقيعِ

وأنّ أوراقَ الصنوبرِ لا تموتْ

في بيتنا شجرُ الصّنوبرِ يبتسمْ

ويخيطُ كلَّ ثيابنا بالإبرةِ الخضراءْ

أمّي على ماكينةٍ يدويّةٍ رجليّةٍ

كانت تخيطُ الحبّ تَدْرُزه بخيطانٍ من الرمانِ والدراق والزيتون والكينا

تقبّلُ فيه أيدينا

وكمْ ضاعَ الشقا فينا

على فستانها الزعلانْ

يهيم بدمعتي نجمانْ

فصارت كفُّها مشطاً

وقلبي طار في (عندان)

على فستانها الزعلانْ

سكِرْتُ بريحةِ القرآنْ

ريحِةْ مطرْ

داستْ جحافلُ جندكم قلبي فجُنّ البرعمُ المخلوق من حَلَمات وردْ

داست جحافلكم جميع دفاتري

داست (بين الحلم والطين)

داست (كلمات للحب والحرية)

داست (إلى إقبال)

داست كرامتَنا وأحرقتِ النخيلْ

بضعُ نخلاتٍ صغيرةْ

بضع نخلاتٍ صغيرةْ

هاجرتْ ريحاً على موجِ الصّفيرْ

ربما عند الحدودِ استبدلت ذاك الإباءْ

بحذاءْ

أو طلاءْ

أو لدرء البرد عن زند الشتاءْ

وأبي مازال في المقبرة الغربيةِ المزدحمةْ

باحثاً عن شِعره بين الركامْ

يقولون إنّي ورثْتُ الكتابة عنه وأني

ورثت الكتابة عنه

وإنّي كفرتُ بكلّ إلهٍ

لك ريحِةْ مطر والله وحقّ الشِّعرْ ريحة مطرْ وِصْلِتْ منِ الأوراقْ

عطرِ القصايدْ من بواريدِ الغضبْ أقوى وأقوى منِ العشاقْ والأشواقْ

ريحِةْ مطر وكلّ الحنينْ القلبْ كلهْ اِستعرْ

(تبكين ويستعر الألق الوحشيّ

تنوء حنايا الصدر بآلام الحرمانِ

يتواثب شوقُ الهمساتِ

فيجرح كالسّيفِ القاطعِ وجهَ الصمتِ المخبوءِ

يحطّمُ جدران الصّبر يفجّرُ أناتِ الكتمانِ)

يا ليت قصائدنا المخنوقة تصرخُنا تبصقُنا في وجهِ القرصانِ كرشّةِ ملحْ

فوق الجرحْ

يا ذاك الوطنُ المقتولُ أما منْ صُبْحْ؟


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية