عندما نزحت اللاجئة السورية لارا شاهين عن دارها في دمشق في بداية الانتفاضة كانت تعتقد أن أسرتها ستعود في غضون شهور وتشارك في إعادة البناء.
وبعد تسع سنوات تتجه انتخابات، يصفها اللاجئون السوريون في أنحاء المنطقة بأنها مسرحية هزلية، إلى منح بشار الأسد فترة رئاسة جديدة مدتها سبع سنوات، وهو ما يبدد آمال لارا أكثر وأكثر في العودة إلى بلادها.
ومثل ملايين اللاجئين في الأردن ولبنان وتركيا، رأت الأسد يتشبث بالسلطة في مواجهة انتفاضة وحرب أهلية مدمرة قوضت اقتصاد سوريا وجعلت عودة اللاجئين إليها محفوفة بالخطر الشديد.
وقالت لارا لرويترز في العاصمة الأردنية عمان التي تقيم فيها منذ عام 2012 “هلأ كنت بالأول، أول ما إجيت على الأردن لما بحكي عن مستقبل سوريا بقول إحنا مستقبل سوريا، إحنا الشباب، يعني إحنا هلأ عم نشتغل عم منأهل مهارات عم منأهل كوادر لأنه بالنهاية بدنا نرجع على بلدنا لنرجع نعمرها”.
وأضافت “بلشت (بدأت) شوي شوي أفقد الأمل… أول ما إجينا على الأردن كان كل شي كنا نفكر فيه متى بدنا نرجع. يعني مفتاح بيتنا جبناه معنا على أساس بعد شهرين أو ثلاثة رح نرجع. إنضل نفكر في سوريا هذا الانتماء الحلو. ما بكذب إذا قلتلك كمان تبدد هذا الشعور”.
وتدير لارا (39 عاما) شركة للمشغولات اليدوية وأدوات التجميل تعتمد عليها أكثر من 40 امرأة عاملة في الأردن الذي تقول لارا عنه إنه مثل وطنها الأول وليس وطنها الثاني.
ويشاركها يأسها من العودة آخرون في دول الشرق الأوسط التي يوجد بها 5.6 مليون لاجئ سوري في سجلات الأمم المتحدة.
والخوف من الانتقام ما بقي الأسد في الحكم، وكذلك الأوضاع الاقتصادية في دخل سوريا تعني أن هناك القليل من الفرص أمام اللاجئين لرؤية بلادهم في القريب.
ويستنكر كثير من اللاجئين الانتخابات التي ستجرى يوم الأربعاء قائلين إنها وسيلة شكلية لمنح الأسد فترة رئاسة أخرى بعد أن خلف والده الراحل في عام 2000 ومدد حكم الأسرة المستمر منذ 51 عاما رغم انتفاضة 2011 والحرب الأهلية.
ووصف أبو علاء (43 عاما) وهو أب لعشرة من مدينة حمص ويعمل مزارعا في شمال لبنان الانتخابات بأنها مسرحية هزلية يحاول القائمون بها خداع الدول والشعب.
وقال إن من دمر دولة كاملة ومزقها وجعل الملايين يفرون من ديارهم لم يعد له مكان في قلوبنا، مشيرا بذلك إلى الأسد. وتساءل: لماذا ننتخبه؟ إنه قاتل.
شرعية مفقودة من أول رصاصة
في شارع إسلامبول في قلب إسطنبول القديمة، وهي واحد من أحياء كثيرة تجمع فيها اللاجئون، يدير سوريون معظم المقاهي ومحلات المجوهرات والمطاعم ومحال الجزارة.
ويعتقد قليلون أنهم سيغادرون مدينة تستضيف نصف مليون لاجئ سوري وهم جزء بسيط من 3.6 مليون لاجئ سوري تستضيفهم تركيا أو أن الأوضاع في سوريا ستتحسن.
وقال حسام (36 عاما) من حمص يبيع البن والمكسرات والحلوى إن من الواضح أن هذه الانتخابات ليست محايدة وأن الأسد سيكسب بانتخابات أو بغيرها.
ومضى يقول إن كل شيء سيزداد سوءا في سوريا حيث لا يوجد خبز ولا طعام وحيث كل شيء مكلف. وأضاف أن بقاء الأسد معناه أن الأوضاع ستزداد سوءا.
وغادر أحمد (40 عاما)، وهو مثل معظم اللاجئين السوريين طلب ذكر اسمه الأول فقط، دمشق في 2012 بعد اندلاع القتال في الأجزاء النائية من العاصمة.
وقال في محل العصائر الذي يديره إن الأسوأ حدث بوفاة شقيقته في مذبحة بالأسلحة الكيماوية واستشهاد شقيق له في دمشق. ومضى قائلا إنهم دمرونا لمدة عشر سنوات ولا يمكن انتخابهم.
وقال أحمد الذي يدرس طفله الآن في مدرسة في إسطنبول إن السلطات رحبت باللاجئين السوريين. وأضاف أن الظروف مع ذلك ليست مواتية وإن القليلين سيختارون البقاء لو أن هناك فرصة للعودة في أمان.
وقال خريج جامعة (35 عاما) ترك عمله بتصميم الرسوم في دمشق ويبيع الحلوى الآن في شارع إسلامبول إن النظام فقد شرعيته عندما انطلقت أول رصاصة قتلت أول شخص في سوريا.