ذا تلغراف: “لا يوجد شيء بالنسبة لي هنا”: يخطط شباب سوريون لمغادرة وطنهم بينما تتجه البلاد للانتخابات

 الشباب المتخرج من الجامعات في سوريا لا تهمه الانتخابات المزورة التي ستعيد بشار الأسد إلى السلطة من جديد، بل ويفكرون في الفرار من البلاد.

قال عماد الذي أنهى دراسة الهندسة لا يفكر بالسياسة أو كيفية التصويت، فهو يحاول بدلا من ذلك الهروب من الجور والبطالة المتزايدة ونقص الوقود. : “ليس لدي إلا القليل من المال للسفر، لكن لم يتبق لي أي شيء هنا”. وكان يتحدث من شقته في غرب دمشق: “يزداد الوضع سوءا بعد سوء، والاقتصاد سيئ والعملة تنهار، والفساد المتزايد والعقوبات مشددة، وقلة من الناس سعيدة هنا، والبلد لم يعد يصلح إلا للأغنياء”.

وسيذهب الناخبون السوريون إلى صناديق الاقتراع يوم الأربعاء، التي تقدمها الحكومة على أنها عودة للحياة الطبيعية بعد عقد من الحرب المدمرة.

ولا أحد يشك في نتائج الانتخابات، فمن بين 50 مرشحا تمت المصادقة على ثلاثة فقط منهم، حيث لم يظهر بشار الأسد أي استعداد للتخلي عن السلطة بعد 21 عاما. لكن التفكك الناتج عن الحرب والعقوبات والأزمة في لبنان أدت لانهيار الاقتصاد السوري. وهناك موجات من أبناء الطبقة المتوسطة يأملون بالهروب رغم إغراءات حكومة الأسد ومنع الدول الأوروبية لهم.
وقال عماد: “عندما أبيع ممتلكاتي وتبيع أمي مجوهراتها، فسندفع للمهربين لأخذنا إلى تركيا، ومن ثم إلى أوروبا”.
وأضاف: “تكلف في الحد الأدنى 10.000 دولار، ومن يملك هذا المبلغ؟ ولكن الخيار هو البقاء هنا وتضييع الوقت في هذا الوضع الرهيب أو البحث والاستقراض والعثور على حل لتحسين الوضع، لأن مكونات الحياة الجيدة في سوريا غير موجودة لنا. وتعتمد عائلتي علي الآن لتأمين مستقبلها”.

وأدت الحرب منذ 2011 إلى مقتل أكثر من 388.000 شخص، ودفعت أعدادا كبيرة من السكان إلى الفرار، حوالي 12.4 مليون شخص، أي نسبة 65% من سكان سوريا قبل الحرب.

لكن الخروج ليس سهلا. فبعد عام 2015 الذي شهد طلبات لجوء لأكثر من 387.000 سوري في أوروبا زادت الدول الأوروبية من تشددها. وأعلنت الدنمارك في بداية العام عن سياسة ترحيل السوريين إلى بلادهم لأن بلدهم “لم يعد خطيرا”.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، نظمت حكومة النظام السوري مؤتمرا في دمشق حاولت من خلاله جذب ستة ملايين لاجئ سوري تركوا بلدهم على مدى عشرة أعوام، وهناك قلة مستعدة للعودة.

وأظهرت الدراسات الأخيرة أن نسبة 90% من اللاجئين السوريين في لبنان والأردن والعراق ومصر لا تنوي العودة إلى سوريا في العام المقبل، حتى ولو لم يكونوا قادرين على تأمين الحاجيات الأساسية في الدول المضيفة.

وفي دمشق، فالخط الفاصل بين المناطق العادية والفوضى هو طريق. فبعض الشوارع نظيفة وكأنها في سويسرا وفي الأحياء القريبة فقد تحولت إلى صفوف من البنايات المدمرة. والتباين الشديد بين الأغنياء -ومعظمهم من شلة النظام- والفقر المدقع الذي تعاني منه الطبقة المتوسطة واضح في كل ملامح الحياة اليومية. 

وتقول ضحى بركات، الطالبة بجامعة دمشق: “أحيانا تشاهد آخر موديلات السيارات عام 2021 في الشارع من بي أم دبليو إلى رينج روفرز وعليها لوحات سورية. وعلى الناس عمل ألف عام لشرائها. أما بقية البلد فهم يكافحون من أجل الحصول على الأمور الأساسية وسط الجوع في كل مكان”.

وبالنسبة للناس العاديين، فالحصول على وقود لقيادة سياراتهم يعتبر أمرا صعبا، والطوابير تمتد في الشوارع، حيث ينتظر الناس الرسائل النصية من مزودي الحكومة كي تخبرهم عن وجود حصة لهم لا تزيد عن 25 لترا من الوقود المدعم.

وقال زكريا عبود، 27 عاما وهو متدرب على المحاماة: “لم أعد أحتمل الانتظار ساعات للحصول على وقود نادر لا أستطيع الحصول عليه، ولهذا أختصر الطريق وأمشي”.

وأضاف: “سأحاول الانتقال وبكل الوسائل إلى ألمانيا أو فرنسا، وحتى لو عنى هذا أن أكون لاجئا، فليكن وسأبيع سيارتي لعمل هذا”.


عن ” ذا تلغراف ” البريطانية ، للإطلاع على الموضوع الأصلي اضغط هنا

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية