ألكسندر بيتروف وروسلان بوشيروف هما عضوان في وحدة 29155 للتجسس الروسية ومتهمان بمحاولة تسميم المعارض سيرغاي سكريبال في 2018 في الجمهورية التشيكية حيث وقع انفجار في مستودع للأسلحة.
اتهمت جمهورية التشيك في 17 أبريل/نيسان الجاري الاستخبارات الروسية بالوقوف وراء الانفجار الذي استهدف أحد مستودعات الأسلحة على أراضيها في 2014. ووجهت براغ أصابع الاتهام تحديدا إلى وحدة 29155 الروسية المثيرة للجدل والتي كثر الحديث عنها في السنوات الأخيرة.
عاد الانفجار الذي استهدف مستودعا للأسلحة في جمهورية التشيك في 2014 والذي أودى بحياة شخصين إلى الواجهة خلال الأيام الأخيرة ليتحول إلى نزاع مفتوح بين الاتحاد الأوروبي وروسيا.
ويأتي هذا بعدما كشفت براغ الأسبوع الماضي أنه في حوزتها أدلة تؤكد مسؤولية الاستخبارات الروسية في الانفجار. ما أدى إلى طرد 18 دبلوماسي روسي من البلاد بتهمة التجسس.
لكن روسيا رفضت الأحد الماضي هذه الاتهامات وقامت بدورها بطرد 20 موظفا يعملون في سفارة جمهورية التشيك بموسكو.
من جهتها، تتهيأ براغ لتقديم، بمناسبة الاجتماع الذي سيعقده وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، الأدلة التي تثبت بأن موسكو تقف وراء عمليات التخريب التي استهدفت مستودعا للأسلحة.
وسائل إعلام أوروبية تتحدث عن وحدة 29155
ويتوقع أن يستمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي إلى العرض الذي ستقدمه براغ بعدما أكدت أن الجواسيس الروس الذين ينشطون على أراضيها هم المتهمين بالوقوف وراء عملية تسميم الجاسوس المزدوج سيرغاي سكريبال في 2018 بمدينة سالسبوري، ما أدى إلى تدهور العلاقات بين بريطانيا وروسيا.
وينتمي هؤلاء الجواسيس إلى وحدة 29155 التي تعتبر فرعا من فروع الاستخبارات العسكرية الروسية. وإذا ثبت بأن جمهورية التشيك على حق، فهذا يعني أن الانفجار الذي استهدف مستودعا للأسلحة في براغ سيضاف إلى سلسلة الأعمال العدائية التي تقوم بها روسيا على الأراضي الأوروبية.
ومنذ حادثة “سكريبال”، تمكنت بعض وسائل الاعلام الأوروبية، على غرار مجلة “دير شبيغل” الألمانية ووسائل إعلام أخرى في سويسرا وبريطانيا بربط بعض الأحداث الأليمة (انفجارات وتهديدات) التي شهدتها أوروبا بنشاطات وحدة 29155 الروسية.
جنود النخبة
كما تم اتهام وحدة 29155 أيضا بمحاولة زعزعة الاستقرار السياسي في مولدافيا في 2016 والمشاركة بشكل فعال في عملية انقلاب في الجبل الأسود تخدم مصالح صربيا فضلا عن محاولة تسميم تاجر للأسلحة من أصل بلغاري في 2015 بسبب عدائه لموسكو.
في إسبانيا، حاول جواسيس روس ينتمون إلى وحدة 29155 التدخل خلال المظاهرات الشعبية التي نظمها الموالون للاستقلال في منطقة كتالونيا في 2017.
فيما اتهمت سلطات هذا البلد الوحدة الروسية بمحاولة إنشاء “قاعدة خلفية” في منطقة “سفوا” الفرنسية من أجل تنفيذ مخططاتها على الأرض وفق تحقيق لجريدة “لوموند” الفرنسية نشرته في ديسمبر 2018.
من جهتها، وصفت جريدة “نيويورك تايمز” الأمريكية جواسيس وحدة 29155 بـ”جنود النخبة” يمكن تجنيدهم بسرعة ولديهم القدرة على التنقل بشكل سريع والقيام باغتيالات مستهدفة وبعمليات تدخل في إطار الدعاية السياسية. وينظر إلى هؤلاء الجنود على أنهم “الذراع العسكري” لحملات تقوم بها روسيا لـ”زعزعة الاستقرار السياسي” في أوروبا.
وحدة للقيام بـ “الأعمال القذرة”
لكن مارك غليوتو، مدير مكتب “مياك” المتخصص في المسائل الأمنية الروسية يرى أن هناك مبالغة كبيرة فيما يتعلق بالإمكانيات التخريبية التي يمكن أن تقوم بها وحدة 29155 الروسية.
وفي اتصال مع فرانس24، قال غليوتو “طبعا هؤلاء الجنود يملكون خبرة عسكرية كبيرة وقاموا بتدريبات صعبة عندما كانوا يعملون في القوات الخاصة الروسية وشاركوا في حرب الشيشان وغزو أوكرانيا في 2014، لكن عددهم ضئيل جدا”.
وأضاف جيرارد مونغوت، المتخصص في القضايا الأمنية الروسية وأستاذ في جامعة “إنسبروك” بالنمسا لفرانس24 “لا يتجاوز عدد أفراد هذه الوحدة التي أنشئت ربما في 2008 عشرين شخصا. وهذا عدد صغير مقارنة بالفروع الأمنية الأخرى التي تنشط داخل الاستخبارات الروسية”.
المهم هي النتيجة
وأضاف “أعتقد أنهم لا ينتمون إلى النخبة العسكرية كما يقول البعض. بل هي وحدة متخصصة في أعمال التخريب والاغتيالات”.
وأضاف مارك غليوتو مدير مكتب “مياك” المتخصص في المسائل الأمنية في روسيا “روسيا لا تطلب من وحدة 29155 التدخل إلا عندما ترى بأن نتيجة هذا التدخل أهم من الطريقة التي تتدخل بها”.
وتابع “خلافا للعسكريين والعملاء الذين يعملون في الاستخبارات الروسية والذين ينشطون بسرية فائقة، وحدة 29155 لا تبالي بالطريقة التي تنشط بها. ما يهمها هي النتيجة فقط. أعضاؤها ينشطون بروح عسكرية والأهم عندهم الوصول إلى الهدف وليس كيفية الوصول إلى هذا الهدف. والدليل على ذلك هو فشلهم الذريع في اغتيال سيرغاي سكريبال والانقلاب العسكري الفاشل في الجبل الأسود. فإن دل ذلك على شيء، فهو يدل على أن هذه الوحدة تنقصها الاحترافية وتترك دائما وراءها آثارا”.
صراع روسي غربي
لكن هذه “الإخفاقات غير مهمة بالنسبة لموسكو” حسب جيرارد مانغوت الذي أضاف أن “رغم فشل هذه الوحدة في مشاريعها، فهذا لا يمنع موسكو من بعث رسائل للقوات الأوروبية الأخرى”.
وأضاف مارك غاليوتي “روسيا تريد إيصال رسالة مفادها أنها قادرة على أن تتصرف كما تشاء في الأراضي الأوروبية”، منهيا “منذ ‘غزو’ منطقة القرم في 2014 فهي (روسيا) تشعر بأنها دخلت في صراع مع الغرب”.