يترقب اللاجئون وطالبو اللجوء في بريطانيا إعلان الحكومة عن إجراءات جديدة، اعتبرتها بخانة “الإصلاحات” على نظام اللجوء القائم حاليا، وتشمل عددا من الخطوات اعتبرها متابعون أنها قاسية وظالمة ولا تحقق العدالة للاجئين. وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتل قالت إنها تؤمن بتلك التعديلات وتعتبرها “عادلة”، معربة عن ثقتها بأنها ستساهم بخفض أعداد المهاجرين الواصلين إلى بلادها بشكل غير نظامي.
كما وعدت سابقا، بدأت وزيرة الداخلية البريطانية بالإعلان تدريجيا عن خطوات مشددة سيتم اتخاذها بحق المهاجرين الواصلين إلى البلاد بطرق غير قانونية، خاصة أولئك الذين يصلون إلى شواطئ إنكلترا عبر المانش.
المقترحات التي ضمنتها وزيرة الداخلية لمشروع “إصلاح” نظام اللجوء في بريطانيا، ستشمل تحميل المهاجرين مسؤولية ترحيلهم، حتى لو تم منحهم حق اللجوء. ومن المنتظر أن يتضمن الإعلان عن “حزمة الإصلاحات” اليوم بندا ينص على أن طريقة دخول المهاجرين إلى بريطانيا سيكون لها تأثير على طلب لجوئهم.
Our New Plan for Immigration is based on 3 key aims:
— Priti Patel (@pritipatel) March 24, 2021
🇬🇧 To support those in genuine need via safe & legal routes.
❌ To break the life-threatening business of criminal people smugglers.
🛂 To make it easier to remove illegal arrivals with no right to be here.
Firm but fair. pic.twitter.com/t5Re0EfIoB
انتقد خبراء بريطانيون إنشاء نظام “مزدوج المعايير”، يهدد بمعاقبة من “أجبروا على اتخاذ إجراءات استثنائية، دون منحهم خيار كيفية البحث عن الأمان”.
وتعهدت باتل مرارا وتكرارا أن “خطة الهجرة” الجديدة ستسخر كافة الجهود لترحيل من يصلون إلى المملكة المتحدة بشكل غير شرعي، خاصة من جاؤوا من دول “آمنة، حيث كان بإمكانهم، وكان عليهم، طلب اللجوء هناك”.
تقليص بالحقوق واستفادة محدودة من الخدمات الاجتماعية
ومن الإجراءات المتوقع البدء بالعمل بها وفقا للتعديلات، ستمنح السلطات المهاجرين من لا يمكن ترحيلهم الحماية المؤقتة، بدلا من حق اللجوء والإقامة، كما سيتم إخضاعهم بشكل دائم للتقييم للنظر في إمكانية ترحيلهم من المملكة.
ولا تتوقف التعديلات الجديدة عند هذا الحد، إذ من المتوقع أن تشمل أيضا تقليصا بحقوق المهاجرين الواصلين بشكل غير قانوني لجهة لم شمل أسرهم، إضافة إلى الحد من استفادتهم من أنظمة المساعدات الاجتماعية.
أما بالنسبة للواصلين بشكل قانوني وعبر طرق آمنة، فسيتم منحهم الحق بالإقامة الدائمة مباشرة بعد وصولهم، في حين أن القانون الحالي يمنح حق الإقامة لطالبي اللجوء لمدة خمس سنوات، بعدها سيكون عليهم التقدم بطلب جديد للحصول على الإقامة الدائمة.
كما تمت الإشارة إلى أن طالبي اللجوء سيتم ترحيلهم أثناء النظر في طلباتهم، على الرغم من أن هذا البند لم تتم الإشارة إليه في تصريحات سابقة للداخلية.
أحكام قضائية مشددة
وستشمل المقترحات المتوقع الإعلان عنها في وقت لاحق اليوم، إعادة النظر بإيواء طالبي اللجوء في مراكز استقبال أثناء البت بطلباتهم، وتوضيح المعايير التي تحدد معنى “الخوف من الاضطهاد” وعدم السماح لمن لم يتمكنوا من تقديم براهين ملموسة على ذلك من الحصول على اللجوء.
إضافة إلى ذلك، سيتم اعتماد آليات تقييم للأعمار أشد صرامة، لمنع المهاجرين الراشدين من الادعاء بأنهم أطفال. كما سيتم اقتراح السجن مدى الحياة لمهربي البشر، ورفع العقوبة بحق من يعاودون دخول الأراضي البريطانية بعد ترحيلهم من ستة أشهر إلى خمس سنوات.
وأوضحت الداخلية البريطانية أنها ستعيد النظر بطرق الهجرة الشرعية التي يسلكها المهاجرون حول العالم، خاصة تلك التي تديرها منظمات دولية كمفوضية اللاجئين، لمنح من يستحقون طرقا آمنة وقانونية للوصول للمملكة.
“معاقبة اللاجئين بناء على الطريقة التي وصلوا بها إلى بريطانيا”
وفي تصريح لوسائل إعلام محلية، قال إنفر سولومون، المدير التنفيذي لمجلس اللاجئين، إن “الحكومة تسعى للتفريق بين اللاجئين المستحقين وغير المستحقين للجوء بشكل غير عادل، وتختار منح الحق باللجوء للهاربين من الحروب والاضطهاد بناء على الطريقة التي يسافرون بها إلى المملكة المتحدة”.
وأضاف “في الواقع، فإن الأشخاص العاديين، وعند مواجهتهم للأهوال، يضطرون لاعتماد طرق غير اعتيادية للوصول إلى مناطق آمنة. ما تقوم به الحكومة هو إنشاء نظام مزدوج المعايير يتم من خلاله معاقبة بعض اللاجئين بسبب الطريقة التي وصلوا بها إلى بريطانيا”.
وختم “هذا يمثل ظلما هائلا ويهدم أحد أقدم تقاليد المملكة المتحدة المتمثل بمنح الحماية للناس، بغض النظر عن الطريقة التي وصلوا بها إلى شواطئنا… كافة اللاجئين يستحقون أن تتم معاملتهم بتعاطف وبكرامة، وإنها وصمة عار على بريطانيا أن تخضع بعض اللاجئين لمعاملة مغايرة”.
إجراءات عادلة!
وجاءت هذه التعديلات على قانون الهجرة واللجوء البريطاني بعد الارتفاع الملحوظ بأعداد المهاجرين الواصلين إلى المملكة عبر المانش، وفي ظل تلميحات سياسية محلية إلى عدم رضى رئيس الوزراء بوريس جونسون عن أداء وزيرة داخليته، بريتي باتل، في إدارة هذا الملف.
من جهة أخرى، سجلت السلطات المعنية انخفاضا بأعداد طلبات اللجوء خلال 2020 في بريطانيا بنسبة الخمس، مقارنة بالأعداد التي سجلت في 2019، وذلك بسبب الشح الذي أصاب الوسائل التي كان المهاجرون يعتمدونها للوصول إلى المملكة، كالتسلل إلى الشاحنات التي تعبر النفق الأوروبي مثلا، بسبب الإجراءات المرافقة لمكافحة جائحة كورونا.
وفي تصريح صحفي في وقت سابق، وقبيل إعلان باتل عن الإجراءات الجديدة والتعديلات المقترحة على سياسة الهجرة واللجوء في البلاد أمام مجلس العموم البريطاني اليوم، قالت وزيرة الداخلية إنها لن تعتذر “عن قسوة تلك الإجراءات، فهي وضعت لحماية الأرواح ولاستهداف مهربي البشر. إنها إجراءات عادلة”.
وبالنسبة لطالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم، ستقوم الحكومة بالتسريع في عمليات ترحيلهم.
“نريد نظاما يعكس الإنسانية واللياقة التي يؤمن بها البريطانيون”
وفي رسالة إلكترونية تعليقا على تلك الإجراءات، قال تيم ناور هيلتون، الرئيس التنفيذي المؤقت في منظمة “ريفيوجي آكشن” (Refugee Action) البريطانية غير الحكومية إن هذه المقترحات مضرة بالحق في طلب اللجوء في المملكة المتحدة، “إنها تمثل أكبر هجوم من نوعه على الحق في طلب اللجوء على الإطلاق، وستسد الأبواب أمام الأشخاص اليائسين الذين يصلون إلى المملكة المتحدة بحثا عن الأمان”.
وأضاف “ما من خيارات كثيرة أمام من يفرون للنجاة بحياتهم بحثا عن الأمان. هذه الإصلاحات تعاقب اللاجئين وفقا لطريقة دخولهم البلاد، وهذا يخلق نظام لجوء غير عادل ومزدوج المعايير. نعتبر أن نظام اللجوء يحتاج لإصلاحات، لكن المقترحات الواردة قاسية وغير عادلة”.
وانتقد هيلتون ما أسماه بـ”الادعاءات الحكومية”، واصفا المقترحات بأنها “لا تعزز الطرق الآمنة للاجئين. لطالما كانت المملكة المتحدة رائدة على مستوى العالم في إعادة توطين اللاجئين، وكانت تحتل المرتبة الثالثة في هذا الموضوع عالميا بعد الولايات المتحدة وكندا. الآن باتت المملكة على هامش هذا المفهوم. ففي الوقت الذي التزم فيه بايدن (الرئيس الأمريكي) إعادة توطين 125 ألف لاجئ سنويا، لم تقدم المملكة المتحدة أي التزام على هذا المستوى على الإطلاق. وفي حين نشهد نزوح أعداد قياسية من الناس في كل مكان، نتنصل من مسؤوليتنا على المسرح العالمي”.
وختم هيلتون قائلا “يريد الناس في المملكة المتحدة نظاما يعكس الإنسانية واللياقة والفطرة السليمة التي يؤمنون بها. يجب إعادة التفكير في هذه المقترحات بشكل جذري إذا أردنا بناء بريطانيا فخورة ورحيمة بعد الوباء.”
وبانتظار الإعلان عن تلك المقترحات والمواقف التي ستحدثها على المشهد السياسي الداخلي، يبقى المهاجرون في بريطانيا رهينة مخاوف باتت مشروعة حيال مستقبلهم والأحلام التي اعتقدوا أنهم على وشك تحقيقها لحظة وصولهم الأراضي الإنكليزية.