الحب وطن غائر في الروح
لا وطنٌ سواه
لأنّه لأن الحبّ نقيضُ اغتراب كونيّ حادث في الخلق وعارض على الأصل..
فإن كانَ الاغترابُ جنابةً كما يرى ابن عربي
وطعناً بوطنِ القلب والأم
فإن الماءَ اصلٌ وطهرانٌ وعودةٌ إلى
أصل حب ووطن
اي حاء + باء
= حبّ وحنان ممتد
أي الحنان المجنون بحضن حنون، يعيد كل مغتربٍ واغترابٍ إلى أصله، الذي هو من طبيعةِ مصالحةِ الذات بالذات وللذات، وتجدّد الأبعاد الأنا والهوَ والهُم والهنّ،
والمكانَ والزمانَ في حضن أو وَكَنٍ أو وطن واحد..
وطن واحد الكنّ والكون والكينونة الأصل
تفرّقَ واغتربَ في غربةِ الضياعِ والتيهِ والشتات ، فصار اغتراباً وعذاباً وتشتّتاً لنفسٍ وجسدٍ كان جمعاً وكنّاً ، وروحاً اصبح في عصيانِ مايهوى وما يميلُ بكينونتِهِ لعناقهِ
أنا من أهوى ومن أهوى وطن
كيف وكيف ياحبّ ياصعبُ ياكونُ قلْ لي..
أنا من أهوى ومن أهوى أنا
نحن روحان حللنا بدنا
فإذا أبصرته ابصرتني وإذا ابصرتني ابصرتنا
وإذا أبصرتَ صِرنا وطنا*
ولأعِدْ في قراءة الروح والوجود والبنيان
فإذا أغْوَيتُهُ أغْوَيتُني
وإذا أغْويْتُنِي أغْويْتُنا
ولننتبه إلى فعل أغوى هنا
المنسوب للذات أغويتُ أنا حبيبي
فاغويتُ نفسي بهِ، وقمتُ بإغوائنا معاً، فصرنا معاً غواةً لذواتنا مقاماً ومكاناً وزمناً وأحوالاً لانُرَدّ ولا نُعصى، فصرنا معا كينونة كونٍ وكيانٍ في جسدين وفي إيقاع موسيقى شجرة الأطفال والحياة
وطناً موَحّدا في طفل لايقسم ولا يوزع ولا يُحاصص ولايعود إلى ماانطوي فيه إلى اثنين منفصلين..
بل هو الواقع الحي والمستقبل الموحد المأمول إن أردناه وطنا حرا وإبداعا يكون.
ولنتأمل معنىً لما أراه في الاغتراب والتيه في أيام شبابي الأول
وفي تجربة صعبة لم تزلْ جرحا غائرا وجميلا..
عندما أقول أنا*
ذاهلٌ عن كل مايحيط
إلا اسمُها العوسجةُ
ووجهُهَا الضالعُ بالهروب*
حينَ توهجتِ النّبوةُ في عيني حبيبي
قلتُ ياطير المسافاتِ اسكنْ قلبي
فقد ييبتعدُ الوطنُ عنِ دمي
وينسلخُ الطفلُ عن الرّحم
وفي الغربةِ حتى الأصدقاء يطعنون الله
ويصبحُ
البعدُ الدامي كرةً
وتصيرُ العينُ دمعةً قزحيّةً
يدور الحباحبُ في كل اتجاهات الألم
والحريّةُ قضيةَ حياةٍ أو موت
وتصيرُ جبيلُ وشماً
بيبلوس أيّتها الغجريةُ البكر
متى تلامسينَ شفتيّ
وفي الغربة حتى الأصدقاء
وحتى الخيال المجنّحُ غُربةً في متاه
متى ياحبيبي
متى ياليالى الشمالِ الحزينة
أنادي ميرالادا
ميرالادا
فتتحركُ الأشجارُ عن وجهٍ مضاءٍ
لا القمرُ يحملُ سيفا
ولا السواعدُ اغنيةْ
ماكنتُ أعرف أنّ الصنوبرَ سيحملُ الكستناءَ
وأنّ القممَ المكلّلةَ بالعرعرِ والزعرورِ
ستحتفظُ بكلّ هَمساتِ العشقِ ولا تبوحُ بها
لنختلي مرّةً
فقدْ تعبَ القلبُ بحملِ النبوة
* البيت للحلاج
** النص العشقي لي من مجموعتي شجر الغيلان في البحث عن قمر ميرالادا وداعا