نشرت هيئة البث الإذاعي والتلفزيوني الاسرائيلية مقالة للكاتب روعي كايس بعنوان : عين ضاحكة ، نظرة خاطفة: علاقات إسرائيل المعقدة مع سوريا
جاء فيها : “بينما تستمر الهجمات الإسرائيلية في أجواء سوريا، يتنامى التعاون “الإنساني” بينهما برعاية روسيا، ويبدو أن إسرائيل في حالة سلام بالفعل مع النقش المريب في دمشق، مع العلم أن الإعلام العربي لا تنقصه المعلومة بأن المسافة بينه وبين الواقع كبيرة جدا، بالتزامن مع المعلومات المتواترة التي تتحدث عن لقاء وفد عسكري إسرائيلي بوفد من نظام الأسد برعاية روسية في قاعدة في حميميم غرب سوريا”.
وأضاف الكاتب أن “هذه المعلومات قد يكون المقصود منها إحراج النظام السوري ومعسكره، الذي يرفع راية المقاومة ضد إسرائيل، ولكن حتى لو كانت هذه المعلومات غير صحيحة، فإنها تثير المثلث المعقد بين إسرائيل وروسيا بوتين وسوريا الأسد، وهو مثلث جامح مليء بالاهتمامات والتناقضات، يليق بواقع الشرق الأوسط”.
وأشار إلى أن “هذا المثلث عمل في الأيام الأخيرة على صياغة صفقة لعودة إسرائيلية عبرت إلى الأراضي السورية مقابل إطلاق سراح راعيين سوريين، إضافة إلى توزيع لقاحات سبوتنيك ستشتريها إسرائيل من روسيا وتعطيها لنظام الأسد، والغريب أنه في ذات الليلة، وأحيانا قبل حلول الظلام، يقصف الجيش الإسرائيلي، أهدافا لها علاقة بإيران، والأسلحة التي تحاول نقلها عبر الأراضي السورية في طريقها إلى لبنان”.
وأوضح أن “هذه الهجمات الإسرائيلية تتسبب أحياناً في إصابة وقتل عناصر نظام الأسد، وأحيانا أخرى تكتفي بضربات جوية، ومن “النكات” الحزينة بنظر خصوم الأسد أنه يرد على الهجوم الإسرائيلي بقصف أهداف معارضيه، رغم أن نظام الأسد مدين لإيران وحزب الله اللبناني و”الحصان” الروسي ببقائه في السلطة، والعودة للسيطرة على معظم المناطق التي فقدها منذ بدء الثورة ضده قبل عشر سنوات”.
في النهاية فضلت إسرائيل اختيار الشر المعروف على المجهول. إسرائيل تبحث عن عنوان ، والأسد المرتبط ببوتين هو عنوان
وأكد أنه “في النهاية فضلت إسرائيل اختيار “الشر المعروف على المجهول”، لأنها تبحث عن عنوان لها في دمشق، والعنوان هو الأسد المرتبط ببوتين، وهنا تبدأ التناقضات، حيث لا تتقاطع مصالح إيران وروسيا في سوريا، ومع مرور الوقت تظهر الأضداد، لكن الأمر لا يستحق البناء على مواجهة أمامية بينهما. هاتان دولتان تريدان فرض ثمن مساعدتهما للأسد خلال الحرب”.
وأشار إلى أن “الأسد يواجه اليوم صعوبة في طرد الإيرانيين ومبعوثيهم، أما إسرائيل فهي من جهتها تعمل هناك، على الرغم من أن الروس لا يحبون الهجمات الإسرائيلية التي تضعف الأسد، إلا أنهم من ناحية أخرى لا يذرفون الدموع على الأهداف الإيرانية التي يتم تدميرها، ومع ذلك فإنهم لا يفعلون ما يكفي لطرد الإيرانيين”.
وأكد أنه “يكفي التذكير بوعود 2018 التي تلقتها إسرائيل من روسيا، بأن إيران ستكون على بعد 80 كم من الحدود، لفهم أن الوعود تبقى وعودًا، ويجب على إسرائيل التعامل مع جبهة نامية من العناصر الإيرانية جنوب سوريا، رغم أنها تعاملت مع حقيقة أن الأسد لا يزال في السلطة، وفي السنوات الأولى من الحرب، كانت لا تزال معضلات حول ما إذا توفرت فرصة لتحطيم فرق المقاومة، حتى لو نظر إليها بأنها ضعيفة للغاية”.
وأضاف أنه “حتى يومنا هذا، هناك من يعتقدون في تل أبيب بأنه كان من المجدي إسقاط الأسد، لأنه حليف لحزب الله وإيران”.
واستدرك بالقول إن “إسرائيل في الوقت ذاته فضلت اختيار الشر المعروف على المجهول، وكما في أي مكان آخر في الشرق الأوسط، تبحث إسرائيل عن عنوان، وعنوانها في سوريا هو الأسد المرتبط ببوتين، حتى لو كان مشكوكا فيه، وهنا يمكن استذكار استعادة جثمان الجندي زخاريا باومل من مقبرة مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، وهو إنجاز لا يستهان به، وفي هذه الأيام يجتهد الروس للبحث عن الإسرائيليين المفقودين”.
وأوضح أنه “عند الحديث عن التعاون الإنساني مع النظام السوري، حتى لو كان يخدم المصالح الإسرائيلية طويلة المدى، فإنها تبرز أسئلة عن استمرار القصف الإسرائيلي في سوريا، الذي يرجح أن يستمر، وربما حتى يزداد حدة، واليوم، في 2021، تغير الواقع إلى ما هو أبعد من التعرف عليه، ومع مرور الوقت، تعيش إسرائيل مع العنوان المشكوك فيه في دمشق، وقواعد لعبتها واضحة: في الليل قاذفات القنابل، وفي الصباح صفقات التبادل”.