يعقد الأوروبيون والأميركيون الاثنين 22 فبراير / شباط مشاورات في بروكسل بشأن الاستراتيجية حيال روسيا فيما سيفعّل الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى نظامه العالمي للعقوبات في مجال حقوق الإنسان ضد الكرملين، وفق ما أفادت دول عدة.
وسيردّ وزراء خارجية الدول الأوروبية على رفض موسكو بشكل قاطع مطالباتهم بالإفراج عن المعارض الروسي أليكسي نافالني والإهانة التي تعرّض لها موفدهم وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل خلال زيارته إلى موسكو مطلع شباط/فبراير.
وسينضمّ وزير الخارجية الأميركي الجديد أنتوني بلينكن إلى مشاوراتهم في اتصال عبر الفيديو.
وستُطرح في هذا الاجتماع ملفات عدة من بينها عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق على النووي الإيراني والردّ على الانقلاب العسكري في ميانمار وتعزيز الصين قبضتها على هونغ كونغ، وفق ما أفاد مصدر أوروبي.
ومن المقرر أن يفرض الأوروبيون عقوبات على ميانمار حيث أطلقت الشرطة الرصاص الحيّ السبت على متظاهرين في ماندالاي في وسط البلاد، ما تسبب بمقتل شخصين.
ورأى دبلوماسيون أوروبيون أن واقع أن وزير الخارجية الأميركي وافق على المشاركة في هذا الاجتماع فور تثبيت تعيينه، هو بمثابة “مؤشر” مهمّ وتعبير عن رغبة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن بإحياء العلاقات مع الأوروبيين الذين كان يعتبرهم الرئيس السابق دونالد ترامب “أعداءً”.
وستكون العلاقة الصعبة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في صلب النقاشات بين الدول الـ27 الأعضاء وبلينكن.
وقال دبلوماسي أوروبي “موسكو لن تتحاور مع الاتحاد الأوروبي، إنما فقط مع بعض الدول الأعضاء فيه. يجب أن نتصدى لهذه الاستراتيجية وأن نبقى موحّدين”.
وشدّد على أن “مع زيارة جوزيب بوريل إلى موسكو، رأينا وفهمنا وسنستخلص منها دروساً، لكن ذلك ينبغي أن يحصل بشكل بارد ومنظم”.
ولم تتقبل كافة الدول الأعضاء هذه النصيحة. إذ إن بعض الدول انتقدت بشدة بوريل وطالب نواب أوروبيون من دول البلطيق ودول شرق أوروبا باستقالته. وقال مسؤولون في بروكسل إن “كل ذلك يضعف موقعه”.
والتصعيد مستمرّ في مجال العقوبات. وطرح ليونيد فولكوف، أحد المعاونين المقربين من نافالني، أسماء مسؤولين من النخبة الحاكمة في روسيا وصحفيين مقربين من السلطة. وتُمارس ضغوط على ألمانيا للتخلي عن مشروع أنابيب غاز “نورد ستريم 2” مع روسيا.
ويعقد وزير خارجية ليتوانيا غابريليوس لاندسبيرجيس اجتماعاً مساء الأحد في بروكسل مع ليونيد فولكوف، دعا إليه جميع نظرائه. وسيشارك حوالى 12 وزيراً بالإضافة إلى ممثلين عن سائر الدول في الاجتماع، وفق ما عُلم من الوفود.
وسيتخذ الوزراء الاثنين قراراً بشأن التحضير لعقوبات جديدة وتحديد الأشخاص والكيانات المستهدفة. وأكد دبلوماسيون عديدون أن “اتفاقاً سياسياً أمر مكتسب”. وقال أحدهم إنه سيتمّ تبني العقوبات في القمة الأوروبية المرتقبة في 25 و26 آذار.
وأعلن مسؤول أوروبي أن الأوروبيين سيفعّلون للمرة الأولى نظامهم العالمي الجديد للعقوبات في مجال حقوق الإنسان.
وعرض جوزيب بوريل مقترحات. وذكر المتحدث باسمه أن “القرار النهائي يعود إلى الدول الأعضاء وينبغي أن تقرّ ذلك بالاجماع”.
غير أن دبلوماسيين ومسؤولين مطلعين على المشاورات أكدوا أنه من غير المرجح فرض حظر دخول إلى الاتحاد الأوروبي على مسؤولين وصحفيين روس، أو تجميد أصول تابعة لهم.
وشرح أحدهم في حديث لوكالة فرانس برس أن “فرض عقوبات على صحفيين هو سلاح ذو حدّين، لأن روسيا ستردّ”. أما في ما يخصّ المسؤولين، فقال “ينبغي إثبات تورطهم أو ارتباطهم” بالأحداث التي تسببت بفرض هذه العقوبات.
ومن غير المتوقع التوافق على إلزام ألمانيا التخلي عن مشروع “نورد ستريم 2”. إلا أن العقوبات الأميركية تبطئ وضع اللمسات الأخيرة على أنبوب الغاز الذي يمتدّ على 1200 كلم وتموّل بناءه خمس مجموعات أوروبية خاصة.
ويرى محلل العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا لدى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية نيكو بوبيسكو أن اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الروسي، الذي يشكل ثلث المشتريات الأوروبية السنوية، يشكل عائقاً مهماً أمام تبني نهج أكثر تشدداً في العلاقة مع روسيا.
ويضيف أن “واشنطن على غرار العواصم الأوروبية، لا تزال تعتزم إيجاد وسائل للحفاظ على الحدّ الأدنى من العلاقات الإيجابية مع روسيا”.