نشرت مجلة “فورين بوليسي” مقالا أعدته الصحافية أنشال فوهرا بعنوان : “إسرائيل والإمارات هما أفضل أصدقاء الشرق الأوسط الجدد ” ، قالت فيه إن التقارب بين البلدين بعد توقيع ما أطلق عليها “اتفاقيات إبراهيم” قوى أول شراكة إسرائيلية بالمنطقة.
وأشارت إلى المشاهد التي “لا تصدق” منذ أيلول/سبتمبر 2020، عشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين تدفقوا إلى مراكز التسوق والشواطئ في أبو ظبي ودبي، والإماراتيين الذين التقطوا “سيلفي” في القدس و”دي جيز” إسرائيليين يمزجون الموسيقى للمحتفلين في برج خليفة.
وفي الشرق فالسياحة العادية هي تعبير عن وزن جيوسياسي. وهي واحد من التعبيرات عن الآثار الدبلوماسية العميقة للتطبيع بين الإمارات وإسرائيل.
ترى فوهرا أن اتفاقيات إبراهيم ليست عبارة عن اتفاقيات دبلوماسية على مستويات عالية، فهي عبارة عن تحول في الولاءات، فالإسرائيليون والإماراتيون ليسوا مجرد شركاء حذرين بل حلفاء تتوطد أواصر العلاقة بينهم بطريقة متزايدة. وفي الماضي وجدت إسرائيل طرقا للتعايش مع الأنظمة العربية، ولكن العلاقة الجديدة مع أبو ظبي هي صداقة حقيقية. وفي الماضي كانت اتفاقيات السلام الإسرائيلية مع الدول العربية مثل مصر والأردن مدفوعة بالحفاظ على حدودها وتأمين علاقاتها مع الولايات المتحدة. أما الاتفاق الجديد فهو أكثر شمولية و”تحويليا” حسب المحلل سامي نادر، مقارنة مع اتفاقيات إسرائيل مع مصر والأردن والتي كانت مجرد سلام “بارد”.
وتشير إلى تعاون عميق في مجال السياحة والبحث ومجالات أخرى. ولكن الصداقة الجديدة جاءت على حساب الفلسطينيين. ففي السابق دعمت معظم الدول العربية المبادرة العربية لعام 2002 والتي اشترطت التطبيع مع إسرائيل بحل القضية الفلسطينية. وكانت آخر مرة صادقت الدول العربية على المبادرة في 2017. ونكثت الإمارات بهذا التعهد وقالت إنها وقعت الاتفاقية مع إسرائيل بناء على وقف ضم الأراضي الفلسطينية. لكن إسرائيل وضحت أن قرار الضم تم تعليقه وليس وقفه.
وترى الكاتبة أن أهمية الاتفاقية هي أنها منحت البحرين والمغرب والسودان المبرر لفتح علاقات مع إسرائيل.
لم يصدر عن نظام الأسد الذي يزعم أنه يواجه وإيران إسرائيل شجب قوي للاتفاقية الإماراتية- الإسرائيلية
وتنتشر شائعات عن محاولات الإمارات إقناع نظام بشار الأسد توقيع اتفاقية دبلوماسية مع إسرائيل أيضا. ولم يصدر عن نظام الأسد الذي يزعم أنه يواجه وإيران إسرائيل شجب قوي للاتفاقية الإماراتية- الإسرائيلية، بل وانتشرت لقطات فيديو على الإنترنت تظهر أحد أعضاء حزب البعث، مهدي دخل الله، وهو يدعو إلى توقيع سوريا معاهدة سلام مع إسرائيل.
وقال بسام بربندي، الذي كان يعمل في السفارة السورية بواشنطن ويعيش الآن في المنفى، إن لقطات الفيديو لدخل الله قديمة مشيرا إلى توقيت نشرها الآن في مواقع أنصار النظام. وترى الكاتبة أن هناك عدة أسباب أدت إلى التقارب الإماراتي – الإسرائيلي منها التعب من القضية الفلسطينية، التي تعد أقدم نزاع في المنطقة، لكنها ليست السبب الرئيسي. فهناك شعور بأن كلا البلدين يواجهان تحديا من إيران التي توسع تأثيرها في العراق وسوريا ولبنان. ويسيطر حزب الله وكيل طهران على جنوب لبنان ووصل إلى جنوب سوريا. كما ويعتقد مهندس الاتفاق، ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي للبلاد الشيخ محمد بن زايد، أن علاقات قوية مع إسرائيل ستعمق العلاقات المستقبلية مع الولايات المتحدة، خاصة حالة مواجهته ربيعا عربيا جديدا يقوم به الإسلاميون في المنطقة.
ومن خلال المبادرة وفتح علاقات مع إسرائيل حسنت الإمارات من سمعتها الدولية مقارنة مع السعودية المترددة والتي لم تتخذ خطوة مماثلة بعد. ونقلت ما قاله المحلل السياسي الإماراتي عبد الخالق عبد الله: “تعتبر الإمارات اليوم صانعة السلام الإقليمية، وهي تقف شامخة في العالم وأعلى قبل الصفقة”. وأضاف: “كل واحد في الغرب سعيد بالإمارات، واشنطن، باريس، برلين. ونحن في مقعد القيادة”.
ولا يوجد جديد في الصفقة الأخيرة بقدر إضفائها الطابع الرسمي على العلاقات بين الإمارات وإسرائيل اللتين تنسقان فيما بينهما منذ عقد في مبادرات تتعلق بالسياسة الخارجية.
إن الإمارات ربما دعمت المصالح الإسرائيلية في مرحلة معينة من الحرب الأهلية السورية
وشمل التعاون أيضا الجهود الإماراتية في سوريا. ويقول مقاتلون سوريون سابقون في القنيطرة، على الحدود مع إسرائيل في جنوب سوريا، إن الإمارات ربما دعمت المصالح الإسرائيلية في مرحلة معينة من الحرب الأهلية السورية. وتلقى أبو مرية، المقاتل من القنيطرة، الأسلحة من مركز العمليات العسكرية في الأردن والذي أدارته الولايات المتحدة وبريطانيا والإمارات العربية المتحدة والسعودية و”طلب منها القيام بمهمتين: هزيمة الجهاديين ونشر الكلام الطيب عن إسرائيل”.
وأضاف: “كانت الإمارات تصدر تعليمات لقادة الفصائل في الجنوب لمديح إسرائيل أمام المدنيين”. وقال أحمد المتطوع في الخوذ البيضاء وتدرب على الإسعافات الأولية في “ميدي ريسكيو فاونديشين” بعمان إن واحدة من المهام التي كلف بها هي نقل المقاتلين السوريين الذين أصيبوا بإصابات بالغة إلى الحدود مع إسرائيل حيث شاهد مقاتلين من جماعات غير جهادية مثل ألوية الفرقان يجتازون الحدود مع إسرائيل لتلقي العلاج. وأضاف: “كان أفراد هذه الجماعة وجماعات أخرى في القنيطرة يحصلون على دعم من إسرائيل والإمارات أيضا”. وقال: “قدمت الإمارات دعما إنسانيا لنفس الجماعات التي دعمتها إسرائيل عبر الحدود، ولا شيء يحدث مصادفة هنا بالمنطقة”. واستدرك قائلا: “كان هناك دعم من أطراف أخرى لكن القرى قرب الحدود تلقت الدعم بشكل كامل من الإمارات”.
وعرضت عاملة إغاثة عملت مع منظمة غير حكومية اسمها “الإغاثة والتنمية في الجنوب” تسجيلات فيديو لمساعدات وصلت بشاحنات ولفت بالعلم الإماراتي وطلب من عمال الإغاثة الميدانيين تقديم الأولوية لجماعة ألوية الفرقان. وأضافت: “طلب منا تقديم الأولوية في توزيع الأدوية والطعام لعائلات المقاتلين في ألوية الفرقان وغيرهم ممن دعموا علنا إسرائيل” و”كل الدعم الذي وصل إلى قرانا جاء من الإمارات”.
وترى إليزابيث تيرسكوف، الزميلة بمركز السياسة الدولية بواشنطن، أن ألوية الفرقان هي بالتأكيد واحدة من الجماعات التي دعمتها إسرائيل. ولكنها طلبت الحذر في التعميم وأن المساعدات من إسرائيل والإمارات وصلت إلى المجتمعات بسبب المقاتلين المحليين وليس بتنسيق مع الحكومة. وتقول فوهرا إن محاولة الإمارات الحالية لتحويل سوريا إلى حليف لإسرائيل تظل مهمة عبثية. ولكن الاتفاقية الإماراتية مع إسرائيل وضحت الاتجاه الذي يسير نحوه اللاعبون في السياسة الخارجية بالمنطقة وكيف يعملون بالترادف.