ظهر وزيرا نظام الأسد ، دارم طباع وحسان قطنا، في مقاطع فيديو نشرتها صفحات موالية للنظام السوري، وهما يشاركان تلاميذ صغار السن، في زراعة 30 دونماً بمحصول القمح القاسي البعل في أرض معهد التعليم الريفي بقطنا في ريف دمشق. وحملا باقات من سنابل القمح أمام الكاميرات، للدلالة على أهمية هذا النبات في الأمن الغذائي للسوريين حسب وصفهما. ولم يتخط المشهد المترافق مع سيدات يرتدين أزياء فلوكلورية وأعلام منظمة “شبيبة الثورة”، كونه استعراضاً إعلامياً يقوم به الوزراء السوريون بشكل دائم، كأن يقوم وزير المالية السابق مأمون حمدان بكنس الشوارع في يبرود العام 2018 أو أن يشارك وزير التربية السابق عماد العزب في تنظيف المدارس بالتزامن مع انتشار فيروس كورونا، قبل أشهر.
ورغم أن لوم السوريين على كل ما يحصل في البلاد، لم يعد جديداً، بقدر ما بات سياسة رسمية يتبارى في تقديمها مسؤولو النظام وإعلاميوه على “الشاشات الوطنية”، فإن ما قام به الوزيران يتخطى الوقاحة بمراحل، ليس لأن حديثهما تضمن سخرية مبطنة من معاناة السوريين في لقمة عيشهم الأساسية، فقط، بل لأنهما اعتمدا على تلك المعاناة لترويج أفكار سامّة تقول: “عزيزي المواطن أنت تقف في الطابور لأنك لا تزرع القمح في شرفة منزلك“، علماً أن البلاد فقدت بعد العام 2011 أكثر من 60 في المئة من قدرتها على إنتاج القمح وتحولت من دولة مكتفية ذاتياً إلى دولة غير قادرة على دفع ثمن حاجه مواطنيها من المادة الاستراتيجية.
ولعل أكثر ما يستفز في كلام الوزير طباع بالتحديد، هو استهجانه أن سوريا تكاد تصبح بلداً غير قادر على صناعة رغيف خبز واحد، ليس لأن الدولة عاجزة عن تأمين الخبز والطحين، بسبب انشغالها بأمور “أكثر أهمية” مثل قتل وتشريد نصف سكان البلاد خلال 10 سنوات على سبيل المثال، بل لأن أبناءها لا يدركون أهمية حبة القمح التي طورها أسلافهم قبل آلاف السنين وقدموها للبشرية كمساهمة نبيلة في الحضارة الإنسانية. أما كلام الوزير قطنا فاستعادة لما تحدث به الشهر الماضي: “لو زرعنا كل متر مربع في حديقتنا وفي بستاننا ننتج قمحاً نأكل منه رغيفاً وبرغلاً وسميداً وفريكة ونوفر علفاً لغنمة ودجاجة نربيها“.