نشرت مجلة “ذا ناشيونال انترست” الأمريكية تقريراً بينت فيه الأسباب التي أدت إلى فشل عمل الصواريخ الروسية في سوريا. حيث يكمن السبب الجوهري في أن الأسلحة الجديدة دائماً تواجه مشاكل وبشكلٍ خاص إذا ما تم تصنيعها مع عدم مراعاة استخدامها في الأجواء الأكثر سخونة.
فالمشاكل التي واجهتها روسيا في عمل صواريخها في سوريا تأتي بسبب افتقار روسيا إلى الخبرة في تصميم أسلحة تناسب المناخ السوري الذي تشكل فيه الصحراء جزءاً من البلاد. ويأتي هذا الاعتراف المذهل من “بوريس أوبسونوف”، رئيس شركة الصواريخ الروسية التكتيكية (KTRV)، خلال لقاء له مع صحيفة كوميرسانت التجارية. حيث قال أوبسونوف في لقاءه هذا: “سوف لن أخفي الأمر: لقد وجدنا عيوباً مختلفة في عمل الأسلحة في ظروف القتال الحقيقية”. وأضاف: “بالنسبة لنا، فإن الحرب السورية أصبحت اختباراً جدياً”.
وبين أوبسونوف أنه حاول إقناع الجيش الروسي باستخدام القنابل الذكية بدلاً من القنابل غير الموجّهة. وأوضح أنه لم يكن لديهم سلاح أرخص بالمقارنة مع قنابل السقوط الحرّ. لقد قيل لهم بأن القنابل الغير موجهة، والتي تعتمد على الجاذبية، فعالة جداً بفضل طريقة الاستهداف الجديدة. وكان لا بد من إثبات ذلك! فالقوائم والإحداثيات كلها جيدة. ومن الممكن إعداد قوائم ديناميكية هوائية بشكلٍ صحيح، ولكن مع وجود رياح قوية يمكن للقنبلة أن تقع على بعد مئات الأمتار من الهدف، وذلك لعدم احتوائها على نظام تصحيح الإحداثيات.
كما ألقى أوبسونوف باللائمة على قلّة نطاق التدريب في روسيا، حيث لا يشمل الظروف المناخية كتلك التي في سوريا. فيقول موضحاً: “ليس لدينا نطاقات تدريب تشمل ظروفاً مناخية كتلك التي في سوريا والتي تتضمن الحرارة والسديم القوي المنبعث من الأرض والرياح والعواصف الرملية”. ويضيفً: “لذا، لم يكن ممكناً اختبار هذه الأسلحة قبل سوريا. فعلى سبيل المثال، استخدام رأس صاروخ موجه بالليزر في مثل هذه الظروف أمر صعب جداً”. ويوضح بأنه قبل تجربة سوريا، لم يفترضوا بأن الإضاءة يمكن أن تطفوا بعيداً بسبب السراب. حيث أن مبدأ عمل سلاح الليزر يعتمد على وجود ضوء في الهدف. ويرى رأس الصاروخ إشارة الليزر المنعكسة ويحدد الإحداثية عند نقطة انعكاس الإشارة. حيث يعتبر سلاح الليزر أكثر الأسلحة دقة في الظروف المناخية المثالية، لكن مداه يعتمد بشكلٍ كبير على شفافية الجو. ويضيف أوبسونوف بأنه كلما زاد السلاح تعقيداً، كلما زاد احتمال حدوث خطأ ما.
وكما كانت الحرب في فيتنام أو حروب الشرق الأوسط أرضاً لإجراء الولايات المتحدة الأمريكية تجارب على أسلحتها، فقد استخدمت روسيا الحرب الأهلية السورية للتأكد من فاعلية أسلحتها في المعركة، بما في ذلك الطائرات الحربية والمروحيات ودبابات الروبوت والصواريخ. فعلى سبيل المثال تعدّل روسيا مروحياتها اعتماداً على تجاربها في سوريا. وبحسب وكالة الأنباء الروسية TASS، يود المختصون العسكريون زيادة مدى الأسلحة وتحسين معايير المروحيات ومضاعفة منظومات معينة وتقليل الوقت اللازم لإعداد المروحيات للطيران. وقد أعلن أندريه بوجينسكي، الرئيس التنفيذي لشركة تصنيع الهليكوبتر الروسية، قائلاً: “هناك الكثير من مثل تلك التعديلات”. وأضاف: “إن التعديلات مختلفة ومتعلقة بتصميم الطائرة والأسلحة التي تحملها وأنظمة الدفاع على متنها وأنظمة مراقبة الأسلحة وإمكانية استخدام أسلحة موحدة كتلك التي تحملها طائرات Ka-52 و Mi-28N.
وتختم ذا ناشيونال انترست تقريرها بالقول بأنه حتماً للأسلحة الجديدة عيوب لا تكشف عن نفسها إلا في ساحة المعركة. وبدلاً من الإدراك المتأخر لتلك الأخطاء، كان لا بد لأحدهم أن يدرك بأن مناخ سوريا مختلف عن المناخ الروسي. لذا هناك ما يسمى بمعركة الاختبار للأسلحة قبل استخدامها في ساحات القتال الحقيقية، وهو الأمر الذي لم تفعله روسيا.
عن مجلة “ذا ناشيونال انترست” الأمريكية ، للاطلاع على الموضوع الأصلي ، اضغط هنا