لاجئون أطفال بسوق العمل الألمانية السوداء

[dt_fancy_title title=”التغريبة السورية / في العمق” title_align=”right” title_color=”accent”]

لاجئون أطفال بسوق العمل الألمانية السوداء

بدلاً من الالتحاق بالمدرسة، التي تعد إلزامية في ألمانيا، تقوم بعض أسر اللاجئين في برلين بإرسال أبنائهم للعمل، لتزويد الأسرة بالمال. DW عربية سلطت الضوء على هذه الظاهرة وكيفية تعامل الهيئات الألمانية معها.

يسرع بتنظيف المكان كلما تساقط شعر الزبون على الأرض ثم يواصل حديثه “رب العمل هنا رجل طيب يكرمني بعطائه الوفير من مال ولباس، كما أنه يساعدنا في ترجمة المراسلات الرسمية. كثيرا ما رافق والدتي إلى الدوائر الرسمية”.

يتوقف الطفل فجأة عن الكلام ليدخل غرفة مجاورة ليعود بعد دقائق بطبق عليه كؤوس الشاي يوزعها على الزبائن ثم يواصل كنس كل ما تساقط من الشعر على أرضية القاعة.

وحول قضاء وقته في العمل عوضا عن التعلم وقضاء وقت ممتع مع أنداده من التلاميذ، يجيب الطفل الأمي “لا أرى ضرورة للمدرسة، بإمكاني تعلم اللغة هنا عبر الحديث مع الزبائن. أريد أن أجمع المال لوالدي الذي لا يزال في تركيا ويريد اللحاق بنا في برلين”.

وتشير شهادات بعض زبائن الصالون إلى أن محمد لم يسجل بعد في المدرسة، وأن والدته وجدت أن الحلاقة مهنة مناسبة للحصول على المال، لذلك ذهبت بنفسها إلى صاحب المحل راجية إياه تشغيل ابنها مقابل القليل منه. يحصل الابن شهريا على مبلغ زهيد جدا. أما مهمته الأساسية فتقتصر على تنظيف أرضية القاعة وتجهيز الشاي للزبائن.

محمد ابن الـ14 عاما يعيش منذ الصيف الماضي في برلين مع أمه وأخيه الأصغر. وعلى عكس أنداده بالمدينة لا يذهب الطفل السوري إلى المدرسة وإنما إلى أحد صالونات الحلاقة العربية.

“أذهب كل صباح إلى الصالون للعمل هناك مقابل المال، فنحن هنا في حاجة ماسة إليه”. هكذا تحدث محمد بدون تردد عن مهنته الجديدة بألمانيا، ثم مضى قائلا ” لقد سبق لي أن عملت لثلاث سنوات في معمل خياطة في إسطنبول قبل قدومنا إلى هنا، أنا أريد العمل، تعودت على الحصول على المال، فنحن عائلة فقيرة”. كان الطفل يتحدث كرجل في عقده الثالث، وكانت المكنسة لا تفارق يده.

[dt_fancy_image image_id=”18671″ lightbox=”true” width=”” align=”center”]

سليم هو الآخر حديث العهد بألمانيا، يعيش مثل محمد في مأوى جماعي بالشق الشرقي من المدينة. وعلى غرار محمد فإن سليم هو الآخر لا يعرف القراءة ولا الكتابة. وقد حبذ العمل بمطعم عربي، لأنه أثناء إقامته في تركيا اشتغل بالمطاعم التركية التي لم تكن خالية من سوء المعاملة من قبل صاحب المحل. ثم يضيف بهذا الشأن “منذ انطلاق الثورة السورية لم أزر المدرسة”.

ويمضي سليم قائلا “حينما قررنا الهروب من هول داعش وضراوة المعارك في منطقة دير الزور قرر والدي اللجوء إلى تركيا كي نعيش حياة كريمة ليست كحياة المخيمات. وقد تعين علي على غرار والدي وأخي الأكبر العمل”.

ويعتبر سليم أن العمل بالنسبة لطفل أمر عادي. ويقول “لا أريد الجلوس في قاعات المدرسة وإضاعة الوقت في اللهو مع الأطفال، عائلتي تريد فتح كشك لبيع المأكولات الشامية السريعة. ولذا نعمل كلنا من أجل توفير المال”.

محمد وسليم لا يعلمان أن الدراسة أمر ضروري وإجباري لهما وأن العمل في هذا العمر المبكر ممنوع ويعاقب عليه القانون المدني الألماني. كما أنهما لا يدركان أهمية التمتع بالطفولة عبر اللهو والمرح والاحتكاك بأندادهم من الأطفال.

هذا ما قالته لنا سوزانه برانشبوم من مكتب الطفولة والشباب، مشددة على أن هذه الظاهرة محدودة جدا وتقتصر على قلة من الأطفال. وتفيد إلى أنه ليس بالإمكان إبلاغ الشرطة لمعاقبة أصحاب المحلات، لا لشيء إلا لأنه “من الصعب إثبات المخالفات”.

غير أن دائرتها الحكومية تقوم بدور توعوي بالنوادي العربية والمساكن الجماعية. وتضيف برانشبوم “ننظم جلسات توعية مع أولياء الأمور بالمأوي الجماعي، ونحاول تعريفهم بالقانون الاجتماعي رقم 8 والحماية التي يضمنها هذا القانون للطفل من أجل عيش حياة الطفولة البريئة، ويمنع من العمل منعا باتا”.

وتشدد برانشبوم على أن دور إدارتها لا يتمثل في معاقبة أولياء الأمور الذين يمتنعون عن إرسال أطفالهم إلى المدارس بل تقديم الإرشاد والمساعدة وتوظيف مرشدين اجتماعين ذوي خلفيات عربية لمساعدة العائلات العربية لا سيما السورية.

[dt_quote type=”pullquote”]عن موقع DW الألماني ،للاطلاع على المادة الأصلية ،اضغط هنا .[/dt_quote]
[dt_breadcrumbs]

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية