سوري عالق في اليونان يحاول إنقاذ أخيه في بريطانيا

تُنقل حلويات عيد ميلاد بـ الشوكولاتة، وقد غرست على كل واحدة منها شمعة نارية، إلى داخل الخيمة فيما يُردد الحاضرون أغنية “عيد ميلاد سعيد” يليها تصفيق وهتاف.

كان   ذلك عيد الميلاد الـ 35 للاجئ السوري زكي محمد علي. لكن احتفالات هذا العام كانت بعيدة كل البعد عن المكان الذي تخيل أن يكون فيه اليوم.

كان يتوقع أن يكون الآن في لندن، بعدما خاطر بحياته مرات عدة خلال الـ 17 شهرًا الماضية أثناء محاولته الوصول إلى هناك ليتبرع بكلية لأخيه الأصغر كمال المريض للغاية.

وبدلاً من ذلك، وجد نفسه عالقًا في مخيم موريا للاجئين، في جزيرة ليسبوس اليونانية في خيمة يتقاسمها مع تسعة أشخاص آخرين. يشير إلى أنه يشعر باليأس تمامًا، ويزداد قلقه على حالة أخيه الصحية.

يقول زكي “أنا هنا منذ 3 مايو (أيار). اتخذت بعض القرارات المخيفة للوصول إلى هنا ولم تكن لدي أي فكرة بأنني لن أتمكن من مغادرة الجزيرة للوصول إلى أخي”.

يريد زكي محمد علي السفر إلى لندن للتبرع بكليته وبعدها سيكون سعيدا بمغادرتها مشيرا إلى أن “مساعدة أخي هي أهم شيء”

يضيف زكي، وهو يحمل وثائق تضم معلومات طبية عن حالة أخيه “إنني أسعى يائساً للوصول إليه، لكن كل ما يمكنني فعله هو الانتظار حتى تسمح لي السلطات اليونانية بالمرور إلى أثينا حيث يمكنني التقدم بطلب للدخول إلى المملكة المتحدة”.

في اجتماع عقدته هذا الصيف وزيرة الهجرة آنذاك كارولين نوكس مع أسر سورية عدة، أثارت زوجة كامل قضية زوجها، لكن يبدو أن الوزيرة قالت بأنها لا تستطيع أن تفعل أي شيء للمساعدة.

يمكن للمتبرعين بالأعضاء البشرية أن يتقدموا بطلب للحصول على تأشيرة زيارة طبية، لكن الشقيقين قالا إنهما لم يكونا على علم بذلك.

من جهتها لم ترد الوزيرة نوكس على طلب من صحيفة “الإندبندنت” للتعليق على قضية الأخوين، في حين قال متحدث باسم وزارة الداخلية إن الوزارة لا تعلق على الحالات الفردية، ولكنه أضاف أن أي شخص يتمتع بوضع اللاجئ في المملكة المتحدة “له الحق بالحصول رعاية طبية شاملة”. كما أن طلب الحصول على تأشيرة زيارة طبية يجب أن يُقدم من أثينا، بحسب وزارة الداخلية.

السوري زكي محمد علي عالق على جزيرة ليسبوس اليونانية بانتظار الوصول إلى بريطانيا للتبرع بكليته لأخيه المريض هناك (الإندبندنت- تشارلي فولكنر)

وقد أجبرت الحرب الأخَوين، مع آخرين من أفراد أسرتهم، على الفرار من سوريا، إذ غادر علي وزوجته إلى لبنان في عام 2011 وتبعه أخوه كامل مع عائلته بعد ثلاث سنوات.

في مارس 2017، شُخّصت حالة كامل بفشل كلوي. ونظرًا لحالته الصحية الحرجة وكلفة العلاج المرتفعة للغاية في لبنان، مُنِح الرجل اللجوء إلى المملكة المتحدة مع أسرته لتلقي الرعاية الطبية في مستشفى سان جورج في لندن.

ومنذ انتقاله إلى هناك في يونيو 2017، يخضع كامل لغسيل الكلى ثلاث مرات في الأسبوع. وهو غير قادر على العمل والتخطيط للمستقبل كما أن السفر صعب، الأمر الذي حرمه من حضور جنازة والدته في السويد في وقت سابق من العام.

أما علي فقد انطلق في رحلته المحفوفة بالمخاطر إلى أوروبا في أبريل (نيسان) 2018، من لبنان، متفادياً الاعتقال أثناء سفره عبر سوريا إذ كان سيُجبر على الانضمام من جديد إلى جيش النظام لو ألقي القبض عليه، حسب قوله. ومن سوريا اجتاز الحدود مع تركيا متجهاً إلى الشمال الغربي حيث قام بمحاولتين فاشلتين لدخول اليونان عن طريق البر.

“أوقفتني الشرطة اليونانية في المرتين، وفي الأولى أمضيت 22 يومًا في مركز احتجاز يوناني قبل إعادتي إلى تركيا، وفي الثانية احتجزتني السلطات التركية لثلاثة أيام.”

ومع تضاؤل أمواله لم يكن لديه خيار سوى الشروع في رحلة مرعبة بالقارب إلى ليسبوس لأنه الخيار الأرخص.

“كنت مصمماً على الوصول، لم يكن هناك خيار آخر. كانت محاولة مساعدة أخي تستحق المخاطرة – كنت سأذهب إلى المملكة المتحدة مشياً على الأقدام لو استطعت”.

وعندما وصل أخيرًا إلى شاطئ ليسبوس، قال إنه أحس بشعور مختلط، فمن ناحية شعر بالارتياح لأنه وطأ أرضاً أوروبية أخيرا، ومن ناحية أخرى كان يخشى إعادته إلى تركيا.

يقول على ” اتصلت بأمي فور نزولنا وأخبرتها أنني في أمان، ودعتني لزيارتها.” لم يكن علي قد رأى والدته منذ العام الماضي، وعلى نحو مأساوي توفيت في اليوم التالي.

منذ ذلك الحين، بات علي في معركة يومية بين الأمل واليأس، حسب قوله.

ما زالت زوجته تعيش في لبنان، ويؤكد استعداده للعودة إلى هناك بعد إجراء أخيه عملية زرع للكلية، إذا كان ذلك شرطًا لدخوله المملكة المتحدة. وهو يعتبر أن “مساعدة أخي هي أهم شيء” بالنسبة له.

ورغم أن مرضى الفشل الكلوي لا يحتاجون عادة إلى عملية زرع عاجلة، كما هو الحال بالنسبة لعمليات زرع القلب أو الكبد، إلا أن غسيل الكلى أمر بالغ الأهمية للبقاء على قيد الحياة. ومع ذلك، فمتوسط ​​العمر المتوقع للشخص الذي يخضع لغسيل الكلى يتناقص بشكل ملحوظ مع زيادة احتمال إصابته بمرض القلب بشكل كبير.

وينتظر حوالي 4700 مريض حاليا إجراء عملية زرع للكلى في المملكة المتحدة، وفقًا لبيانات “خدمة الصحة الوطنية”. ويوفر زرع عضو مأخوذ من أحد الأقارب تطابقًا أفضل من زرع عضو لشخص لا تربطه بالمريض علاقة قرابة. علاوة على ذلك، فقد ثبت أن الكلى المأخوذة من متبرع حي تعمل لفترة أطول.

وفي بريد إلكتروني اطلعت عليه صحيفة “الاندبندنت”، حثّ طبيب كامل في مستشفى سانت جورج في جنوب لندن السلطات اليونانية على تسهيل لمّ شمل الأخوين.

وفي اتصال هاتفي أجرته معه “الإندبندنت” يقول كامل من منزله في لندن، إن عملية الزرع ستغيّر حياته.

ويضيف “كنت بصحة جيدة حتى مرضت جداً بصورة مفاجئة ذات يوم، وتوسلت زوجتي إلى الأمم المتحدة لمساعدتنا لأننا لا نستطيع تحمل تكاليف العناية الطبية في لبنان، ولحسن الحظ مُنحنا اللجوء.”

كان في حوزتهم بضعة آلاف قليلة من مدخراتهم إلى جانب أموال اقترضها، ما ساعدهم على تأسيس حياتهم الجديدة في لندن.

يقول كمال إن “الحياة ليست سهلة ولكن أهم شيء هو الصحة. فالمال يأتي ويذهب لكنني بحاجة للعيش من أجل أطفالي.” وأضاف أن زوجته “تركت عائلتها وراءها لتكون هنا وتساعدني. أما ابنتي البالغة من العمر تسع سنوات فقالت مؤخراً إنها تريد أن تتدرب لتصبح طبيبة كلى حتى تتمكن من مساعدتي.. أريد أن أتحسن، أريد أن أعمل وأريد بناء مستقبل أفضل لأطفالي.”

على صعيد آخر، أعلنت الحكومة اليونانية في نهاية الشهر الماضي أنها ستُسّرع عمليات نقل طالبي اللجوء إلى داخل البلاد وترحيل الذين تُرفض طلباتهم، وسط ضغوط متزايدة للتعامل مع العدد المتنامي للاجئين الذين يصلون عبر جزر بحر إيجة.

عقب هذا الإعلان، ُنقل 1500 شخص من ليسبوس إلى الداخل اليوناني. ومع ذلك، وصل 102 قاربًا إلى ليسبوس خلال شهر أغسطس (آب) الماضي، وفقًا لتقرير الجمعية الخيرية النرويجية Aegean Boat Report.  أما عدد المقيمين في مخيم موريا للاجئين فلا يزال حوالي 10000، علما أن طاقته الاستيعابية تبلغ 3000.

ولم ترد السلطات اليونانية على طلب للتعليق على قضية علي.

عن الإندبندنت ، للاطلاع على الموضوع الأصلي ، اضغط هنا


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية