كيف استقبلت الدول العربية خطة ترامب للشرق الأوسط؟ وهل ثمة هامش للمناورة في ظل مشهد يتأرجح بين مواجهة أوضاع اقتصادية وسياسية متأزمة كما هو الوضع في سوريا والحرب الدائرة فيها وانكفاء على ترتيب البيت الداخلي وخشية من تداعيات الخطة على التوازن الديموغرافي في الدول المحاذية لفلسطين التاريخية وعلى رأسها لبنان ومواقف مؤيدة وإن ضِمْناً لهذه الخطة التي كان صهر ترامب جاريد كوشنر مهندسَها وعرّابها.
تباينت ردود أفعال الدول العربية على إعلان الرئيس الأمريكي تفاصيل ما يعرف بـ”صفقة القرن” لتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الشرق الأوسط.
ومنحت خطة السلام الأمريكية عدّة تنازلات لإسرائيل، رفضها الفلسطينيون بشدة. وتشتمل الخطة على الاعتراف بضم إسرائيل للمستوطنات المبنية في الضفة الغربية المحتلة، وبالأخص في غور الأردن، في انتهاك للقانون الدولي وفقا للأمم المتحدة.
كما أنّها تعترف بدولة فلسطينية ولكن من دون أن ترتقي لتطلعات الفلسطينيين في أن تمتد على كامل الأراضي المحتلة عام 1967.
وفي وقت رفضت في السلطة الفلسطينية الخطة رفضاً تاماً، باركت بعض الدول العربية الخليجية مثل عُمان والبحرين والإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر إعلانها بينما حاولت دول أخرى مثل مصر والأردن إعلان الرفض بنبرة منخفضة لا تضر بعلاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وإليكم عرض لتفاوت ردود الأفعال العربية بحسب كل دولة.
الأردن
الأردن ومصر هما الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان تربطهما بإسرائيل اتفاقية سلام، وجاء رد فعلها على الخطة كمحاولة لإعلان الرفض دون إظهار اعتراض غاضب بشكل علني.
وأكدت السلطات الأردنية أن إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية وفق حل الدولتين وعلى خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967 “سبيل وحيد للسلام
وقالت الخارجية الأردنية في بيان إن “حل الدولتين الذي يلبّي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، خصوصاً حقه في الحرية والدولة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل وفق المرجعيات المعتمدة وقرارات الشرعية الدولية هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الشامل والدائم”.
وقال أيمن الصفدي، وزير الخارجية الأردني: “على الأردن أن يدين الإجراءات الإسرائيلية الأحادية الجانب التي تنتهك القانون الدولي والإجراءات الاستفزازية التي تدفع المنطقة نحو مزيد من التوتر والتصعيد”.
مصر
دعت مصر في بيان لوزارة خارجيتها مساء الثلاثاء فلسطين واسرائيل إلى “دراسة متأنّية” لخطة السلام الأميركية في الشرق الأوسط، بعد أن كشف عنها الرئيس دونالد ترامب.
وقال البيان “تدعو مصر الطرفين المعنييّن بالدراسة المتأنية للرؤية الأميركية لتحقيق السلام، والوقوف على كافة أبعادها، وفتح قنوات الحوار لاستئناف المفاوضات برعاية أميركية، لطرح رؤية الطرفيّن الفلسطيني والإسرائيلي إزاءها”.
مباركة خليجية
وأعلنت المملكة العربية السعودية، الحليفة الوثيقة لواشنطن ، عن”تقديرها لجهود غدارة ترامب لوضع الخطة” وشجعت “بدء مفاوضات السلام بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني” تحت رعاية أمريكية وإلى “معالجة أي خلافات حول أي جوانب من الخطة خلال التفاوض”.
شدد العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود – بحسب وكالة وفا – للرئيس عباس، على أن موقف السعودية لن يتغير من القضية الفلسطينية حفاظًا على حقوق الشعب الفلسطيني.
وقال الملك سلمان: “قضيتكم هي قضيتنا وقضية العرب والمسلمين، ونحن معكم”، ودعا إلى وجوب تحقيق السلام الشامل والعادل على اعتبار أن السلام خيار استراتيجي، بما يؤدي إلى حل نهائي يحقق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني”.
وحضر سفراء البحرين وعُمان والإمارات مراسم الإعلان عن الخطة بحضور ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ورأت أبو ظبي الخطة “نقطة انطلاق مهمة للعودة إلى طاولة المفاوضات” مؤكدة ترحيبها بهذه “المبادرة الجادة”.
ورحبت قطر بالخطة معتبرة في الوقت نفسه أنّ السلام لن يكون مستداماً إلا بإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967.
لبنان وشبح التوطين
وكان الرئيس اللبناني ميشيل عون قد اتصل برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وأكد له تمسك “لبنان بالمبادرة العربية للسلام التي أُقرت في قمّة بيروت لاسيما حق عودة الفلسطينيين الى أرضهم وقيام دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس”. وإشارة عون لحق العودة يعكس خشية لبنان الرسمي من خطر التوطين على التوازن الديموغرافي في بلد الأرز الذي يعيش به أكثر من 475,75 لاجئ فلسطيني مسجل بحسب الأرقام الأخيرة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين بتاريخ الأول من كانون الثاني يناير 2019.