يستضيف الاتحاد خلال شهر مارس / آذار الحالي مؤتمرا دوليا في بروكسل لجمع مساعدات بمليارات الدولارات للنازحين السوريين. ويقول دبلوماسيون إنها لحظة حاسمة في جهود أوروبا لعزل الأسد مع انسحاب القوات الأميركية.
والاتحاد الأوروبي أكبر مانح للمساعدات في العالم وجعل مرارا دعمه لإعادة إعمار سوريا متوقفا على عملية سلام تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب التي قتلت مئات الآلاف وشردت نحو نصف سكان البلاد الذين بلغ عددهم قبل الحرب 22 مليون نسمة.
لكن مع توقف العملية التي تقودها الأمم المتحدة وبعد التدخل الروسي الحاسم لصالح الأسد في 2015 وبينما يدرس جيران عرب إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، تهدد الانقسامات بتقويض ما تبقى من نفوذ لدى الاتحاد.
وقال دبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي “الضغوط تتزايد علينا لإعادة بناء سوريا، لا سيما من الروس”.
وتفضل كل من إيطاليا والنمسا والمجر وهي دول تنتقد بشدة سياسة الهجرة الأوروبية وتقيم علاقات أوثق مع موسكو، المحادثات مع السلطات السورية من أجل السماح بعودة ملايين اللاجئين إلى وطنهم.
وكان وزير خارجية إيطاليا إينزو موافيرو ميلانيزي قد قال في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 إن الأسد، الذي يتهمه الغرب باستخدام أسلحة كيماوية محظورة، لا يزال من الممكن “أن يكون طرفا في الحوار” وتحدث عن إعادة فتح سفارة إيطاليا في دمشق.
ويقول دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي، إن الأسد يضغط على دول الاتحاد لفعل ذلك بتعليق التأشيرات التي يستخدمها الدبلوماسيون في بيروت لدخول سوريا.
ويقول الحزب القومي الحاكم في بولندا إنه مستعد لتمويل بناء منازل ومدارس لمساعدة السوريين على العودة، لكنه لن ينفصل عن موقف الاتحاد الرسمي القائم على عدم المشاركة في إعادة بناء سوريا قبل بدء عملية انتقال سياسي.
وقال وزير خارجية بولندا ياسيك تشابوتوفيتش “نحن متضامنون مع الاتحاد الأوروبي، لكن هذه مشكلة سياسية شديدة الأهمية”.
وتقول فرنسا وألمانيا وبريطانيا إنه لا يمكن منح أموال لسوريا بينما الأسد الذي يخضع لعقوبات من الاتحاد الأوروبي، في السلطة أو اقتراح استئناف الاتصالات الدبلوماسية.
بل ودعت الدول الثلاث الحكومات إلى النظر في تشديد قواعد المساعدات، فيما يعكس موقف المنظمات الإنسانية التي تقول إن الأسد يحاول تحويل المساعدات إلى الموالين له.
وقال دبلوماسي رفيع آخر “الدول الكبرى تتحدث عن صبر استراتيجي”.
وتقول دول أخرى مثل السويد وإسبانيا وأيرلندا إنه من غير المنطقي الحديث عن إعادة السوريين إلى بيوت دمرتها الحرب.
وقال مبعوث آخر للاتحاد الأوروبي “الوضع الجيوسياسي ليس مواتيا لنا لتقديم أموال. إنها مسألة نفوذ ولا يمكننا أن نتخلى ببساطة عن ورقة النفوذ الوحيدة التي نملكها”.
وتقدر وكالة تابعة للأمم المتحدة أن الحرب كلفت سوريا خسائر اقتصادية بقيمة 388 مليار دولار.
وخصصت المفوضية الأوروبية مساعدات للمدنيين في سوريا بقيمة 1.1 مليار يورو (1.25 مليار دولار)، لكن لم يتم إنفاق المبلغ كله بسبب مشكلات في الوصول إلى المستهدفين. ومن المرجح أن يجمع مؤتمر بروكسل المزيد من تلك الأموال. وتقول الجماعات الحقوقية إنها ينبغي أن تفيد كل المدنيين.
وقالت ديانا سمعان الباحثة في الشؤون السورية بمنظمة العفو الدولية والتي تقيم في بيروت وتعمل على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا “إذا كانت الدول تريد الانخراط في إعادة الإعمار فينبغي أن يكون ذلك بطريقة غير تمييزية وبناء على الحاجة وأن يصلوا إلى الفئات الأضعف، ينبغي ألا يفيد ذلك الحكومة المسؤولة عن جرائم حرب”.
ومن بين الشروط الأخرى المحتملة المرتبطة بالمساعدات الاتصال بالسجناء السياسيين، وإنهاء التجنيد الإجباري والاعتقال التعسفي ومصادرة الممتلكات، رغم أن ديانا سمعان تقول إن ذلك غير منطقي في ضوء سجل الأسد.