[dt_fancy_title title=”نصوص أدبية / شعر” title_align=”right” title_color=”accent”]
حَفْلَةُ الوُجُوهِ الأَخِيرَةِ.. وَتَفَاصِيلُ الدَّمِ
[dt_fancy_image image_id=”18135″ lightbox=”true” width=””]
فهر الشامي
(عبدالغفور الخطيب)
1
الأَحَلامُ مُشْرَعَةٌ
تَنتَظِرُ دَقَائِقَهَا المستَحِيلَةَ..
تَشِعُّ العيونُ مِنْ خَلفِ عَبَرَاتِهَا
تخِفِقُ الأَرواحُ فِي لَحْظَةِ الغِيَابِ..
هُنَاكَ تُعَرِّشُ القَصَائِدُ
عَلَى حَوَافِ حِكَايَاتِنَا البَاكِيَةِ،
وَتَمضِي إِلَى المطْلَقِ
2
سَأَلْتَحِفُ قَصَاْئِدِيْ
وَآَوِيْ إِلَىْ مَغَاْرَةٍ تَنْحَتُنِيْ نَاْسِكاً،
وَثَائِراً أَحْمِلُ بُنْدُقِيَّتِي…
3
لَنْ أُعَانِدَ مَوَاقِدِيْ هَذَا الشِّتَاءْ
4
مَطَرِيْ لَا يُشْبِهُ مَطَرَ الآخَرينَ
وَكَذلِكَ دَرْبِي الَّذِي أَمْشِيْهِ بِأَلَمٍ وَوَلَهٍ،
لَا يُشْبِهُ دُرُوْبَهُمْ..
أَنَا أُغْنِيَةُ الرِّيحِ
تَرنِيمَةُ لَيْلِي الغَارِقِ فِي عَتْمَتِهِ
أُنْشُودَةُ النَّصْرِ الآَتِي
مَا تَبَقَّى مِنْ أَمْكِنَةٍ
لِي وَحدِي،
أَغْسِلُهَا بِدَمِي
مِنْ دُوْنِ تَوثِيقٍ فِي ذَاكِرَةِ الغَيْمِ
5
نَغرَقُ فِي وَجَعِنَا
نَسكُبُ آهاتِنا في الكُؤوسِ الأَخيرَةِ
وَنَلِجُ قِيَامَتَنَا..
مَنْ سَيَكْتُبُنا وَنَحنُ نَسمو؟
مَنْ يَنقُشُنَا عَلَى الجدرانِ؟
الأَزَاميلُ الصَّدِئَةُ لا تَنْحَتُ وَطَناً..
الأَيدي الممتَلِئَةُ قَيحاً لَا تَنْفَعُ
فمَنْ سيَحصُدُ أَحْلَامَنَا المزرُوعَةَ فِي الصُّدُورِ؟
وَيَنثُرُهَا فِي كُلِّ مَكَانٍ..
مَنْ يُوَزِّعُ حَطَبَ أَرواحِنَا؟
فِي هَذَا الشِّتَاءِ القَارِسِ
ثَمَّةَ مَنْ يَنتَظِرُ لَهِيبَنَا المقَدَّسَ
لِيواجِهَ بِهِ قُبْحَ هَذا العالَمِ..
ثَمَّةَ….
ثَمَّةَ مَنْ يُضْرِمُ الأَجْسَادَ والآمالَ مَعاً
6
الوُجُوهُ المسْتَعَارَةُ هُنَاكَ،
تِلْكَ الشَّوْهَاءُ
فِي البيوتِ الفَارِهَةِ،
لَا تُخْبِرُوهَا كَيْفَ نَبِيْتُ عُرَاةً
عَلَى قَارِعَةِ أَهْدَابِنَا..
لَا تُخْبِروهَا عَنَّا
أَوَّل الشِّتَاءِ..
ثَمَّةَ أَمَلٌ يَلُوْحُ
عَلَى وُرَيقَاتِي البَيضَاءِ،
وَقَافِيَةٌ حُرَّةٌ
7
لَنْ نَخونَ دُرُوبَنَا
سَنَمْشِي عَلَيْها مِنْ جَدِيْدٍ،
وَنُسَجِّلُ حِكَايَاتِ النِّسرينِ
وَقِصَصَ شَمْسِنَا وَقَمَرِنَا،
وَثَوْرَتِنَا أَيْضاً
8
الوُجُوهُ المسْتَعَارَةُ فِي حَفْلَتِنَا التَّنَكُّرِيَّةِ
لَمْ تُبْقِ لَنَا سِوَى مِعْطَفٍ مُمَزَّقٍ
وَحِذَاءٍ مُهتَرِئٍ بَالٍ
وَالكَثيرِ مِنَ الأَمانِي الرَّثَّةِ…
نَقِفُ فِي الطَّابُورِ
وَنُسَجِّلُ أَنْفُسَنَا لَاجِئينَ
وَمُهَجَّرِينَ
وَنَازِحِينَ
وَمُشَرَّدِينَ
وَهَارِبِينَ
وَمَنْكُوبِينَ
وَمُعَذَّبِينَ
وَجَائِعينَ
وَمَسحُوقِينَ
وَمُغَفَّلينَ
9
الوُجُوهُ المثقُوبَةُ تَقْطُرُ قَيحاً
لا تُحاوِلُوا إصلاحَها
لَنْ تَستَطِيعُوا ذَلِكَ..
دَعُوهَا وَشَأْنَهَا
فَقَطْ سَاعِدُوهَا عَلَىْ الموتِ
10
الوجُوهُ المسْرُوقَةُ مِنْ أَمَاكِنِهَا
تُخفِي آخِرَ الآلامِ
تَنْظُرُ إِلى الأُفُقِ بِرَغْبَةٍ..
تُقَاوِمُ لَيالِيهَا البَارِدَةَ الكَئيبَةَ
تَكْتُبُ عَلَى دَفْتَرِ الحُزْنِ مُصِيبَةَ النَّرْجِسِ
تُقَاتِل كَوَابِيسَهَا..
عَلَّ النَّصْرَ يَلِجُ فِي اللحظَةِ الأَخِيرَةِ
11
غَريبَةٌ وُجُوهُنَا
كَأَنَّهَا لم تَكُنْ مِنْ قَبْل
كَأَنَّنَا نُغَادِرُ أُمنياتِنَا
في رِحْلَةِ الجَحيمِ،
مِنْ دُونِ رِسَالَةِ الغُفْرَانِ
وَبِلا مَعَرِّي
أَو دَانْتِي
12
يَوْماً مَا
سَأُلْقِي تَارِيخِي عَلَى الوُجُوهِ كُلِّهَا
وَأَمْضِي مَعِيْ
حَامِلاً مُمْتَلَكَاتِ رُوحِي
وَمُفرَدَاتِي العَصِيَّةَ عَنِ التَّفْسِيرِ..
13
سَأَحتَفِظُ بِكَرَاسَاتِ ثَوْرَتِي
لِأَضَعَهَا فِي قَارُوْرَةٍ
ثُمَّ أُلقِيهَا فِي بِئْرٍ عَمِيقٍ
14
التَّفَاصِيْلُ الصَّغِيرَةُ لَكُمْ
15
وَأَنَا أَكْتُبُنِي
لَا أَسْأَلُ الرِّيْحَ وُجْهَتَهَا
الأَيَّامُ تَنزُّ دَماً
الصَّبَاحَاتُ قَنَابِلُ عُنقُودِيَّةٌ
المسَاءَاتُ عَويلٌ عَلَى الأَطْلَالِ
الأَيْديْ المتَشَابِكَةُ كُلَّ ليلَةٍ
تَرْفَعُ تُرَابَهَا الأَحْمَرَ
تَسْكُبُ تَنَهُّدَاتِهَا فَوقَ الأَحْجَارِ الصَّامِتَةِ…
وَأَنَا أَخُطُّنِي عَلَى الصَّفَحَاتِ
أَتَخَطَّى كُلَّ عَوَائِقِي القَدِيمَةِ
وَأُسَجِّلُ يَاسَمِينَ أَعْرَاسِنَا اليَوْمِيَّةِ
16
سَأَكْتُبُ وِلَادَةَ الشَّمْسِ عَلَى جَبِينِ صَغِيرِي
وَأُعْلِنُ الفَرَحَ
17
سَأَبْنِي وَطَنِي عَلَى شِفَاهِ طِفْلَتِي الصَّغيرَةِ
ذَاتِ العَشْرَةِ أَشْهُر،
وَأَمْضِي بَعيداً عَنْ آلَامِي الكَثِيرَةِ
18
لِمَاذَا لَمْ تَحتَرِقِ الأَفْكَارُ؟
وَالقَصَائِدُ
وَالرِّوَايَاتُ،
كَمَا احْتَرَقَتْ بُيُوتُنَا البيضاءُ
يَومَ هَتَفْنَا لِلحُرِّيَّةِ
19
لَو قُدِّرَ لِيَ العيشُ غَرِيباً عَنْ وَطَنِي؟!
لَو قُدِّرَ أَنْ أَنسَى خَرَابَ ذَاكِرَتِي
لَوْ أَنَّهَا تُثْقَبُ
لَوْ أَنَّنِي لَسْتُ أَنَا
20
الأَحْلَامُ الكَبِيرَةُ
بِحَاجَةٍ إِلَى نَفْسٍ كَبيرَةٍ
وَثَمَّةَ مَنْ يَقُولُ:
الأَحْلَامُ تَضِيعُ زَمَنَ الثَّوْرَاتِ
21
مُنْذُ زَمَنٍ
أُحَاوِلُ تَعَلُّمَ الوَطَن
بِمَا يَكْفِي لِأَعيشَ حُرّاً..
مُنْذُ زَمَنٍ
تُحَاوِلُنِي الهِجْرَةُ
عَنْ آَخِرِ مَا تَبَقَّى لِي
مِنْ طِينٍ وَهَواءٍ
وَمَاءِ
22
مَنْ يُعطِيني وَطَناً بِجَوازِ سَفَرٍ
لَمْ تَعُدِ الأَمْكِنَةُ تَتَّسِعُ لِأَحْلَامِي..
23
صَبَاحُ الأَرْبِعَاءِ
13 تشرين الثاني 2012م
أَصْنَعُ وَطَناً
وأغنِّي
………………………………………………….
13 تشرين الثاني 2012م
[dt_breadcrumbs]