امرأة الترام..لـ: محمد مزيد

قصة قصيرة جدا

محمد مزيد
قاص وشاعر عراقي

تجلسُ قبالتي ، امرأة جميلة جداً . كنا وحدنا في الترام ، لا أنظرُ إليها ، ولا تنظر إليّ ، كنا نراقب تصرفات بعضنا بعضا . هي في الأربعين كما أتوقع ، وأنا في الخمسين كما مثبت في جواز سفري . هي لديها زوج وأولاد وبنات كما أظن ، وأنا لدي زوجة وأولاد وبنات كما أعرف .
الترام ذاهب الى آخر محطة . تجاوز منطقتي التي أسكنها بعشرين محطة ، و لا أعرف في إيها ستترجل هي . حتى وصلنا آخر المحطات . لم تنزل السيدة الجميلة . كما لم أفعل مثلها ، بقينا في مكانينا . مرت دقيقة من التوقف ، صعد الركاب . أنطلق الترام ثانية عائداً الى الطريق الذي جئنا منه . في تلك الاثناء نظرتْ إليّ بابتسامة ، فابتسمتُ أيضا . عرفتْ لعبتي ، كما عرفتُ لعبتها . طارت فراشات من جيب سترتي الأيسر وحلقّت في سمائها . وطارت فراشات من جيب قمصلتها الأيسر وحلقّت فوق راسي . بقيت الأبتسامة جامدة في وجهها ، كما بقيت على وجهي . وصلنا الى مبتغانا . ترجلتُ في المحطة نفسها التي صعدتُ منها . وهي فعلت الشيء نفسه . كانت فراشاتي وفراشاتها تحلق فوق رأسينا ونحن نسير في أتجاهين متعاكسين .


يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية