أبو الذئاب...قصة قصيرة
لمّا رقأت دمعته ، وأفاق من إغمائه ، وقلب طرْفَه في أهله وصحبه …ابتدره أحدهم بالملام : أشرت إليك بالنهوض ، مادامت لك قدم تحملك …فلماذا لم تسرع بالهرب ؟!
ثم تداعت الصور إلى القيام في رجفة جسده ، وحركة شفتيه الباردتين …فانبرى يتحدث بصوت واجف. – لا أخبرتكم إلا عن عيان ….إنه المسخ في صورته ، والجني يرتعد فرقاً من طلعته ، وعين القطران تجري من صنان إبطيه ورقبته ……. وكانت الخيالات تطوف به من كل جانب ، فإذا أغمض عينيه سمع صداها في نفسه ، فاسترسل إليها . – كان اليوم صائفاً والهاجرة تلذع الأجسام ، ولم أتنبه لقدومه وحاشيته ….كان يريد إغلاق النوافذ ، ويبقي على واحدة للحاسوب …..لست بمصغ إليه ، وتركتها مشرعة للريح والشمس. وفجأة طوّح بي الأجل إلى مهاوي الثرى . وكال لي الشتم والسباب بأقذع الألفاظ …. وقال بجرْسٍ جهوري : أرى المصلحة العامة أن أقذف بك في غيابة السجن ، ليعتبر بك الآخرون !؟
وانصرف شاب خفيف الروح ، ما مرّ على قلبه الهم إلى مقاطعته قائلاً : – ذاع صيت سرقة الدجاج في البلدة ، وكان جاري يعوّل على كلبه ( أبو الذئاب ) اقتفاء أثر الجناة والنيل منهم …ولمّا مرّت الأيام دون جدوى ، وحتى لا نخدع بسراب المنى وأعاليل الوعود …قلت لجاري أمام الملأ : الجميع يعرف أن ( أبو الذئاب ) يكفيه مؤونة النباح على ثلاثة أشخاص من البلدة كلها ، ويميل عنقه تحت نعال البلدة ، ويخشى جمع ( ابن آوى ). والنصح في البحث عن بديل له… حتى إذا مضى هزيع من الليل ، استغرقت البلدة في النوم . خرجت أبحث عن نسمة عليلة ، فرأيت ( أبو الذئاب ) وقد عاد أدراجه يحمل البيض والدجاج ، واستقبله جمع ( ابن آوى ) يضحكون وتواثب إليه الصغار…. ويقبلونه !!!!