هل بدأ تفكيك مخيم الركبان؟

بدأت عمليات إجلاء قاطني مخيم الركبان، باشراف روسي، بعد أيام من عقد اجتماع بعنوان “حلّ مخيم الركبان وإجلاء ساكنيه”، في 2 نيسان/أبريل، نظمه “مركز المصالحة الروسي” بحضور ممثلين عن أطراف متعددة، في معبر جليغم “الإنساني” على أطراف المخيم من جانب النظام.

وغادرت عشرات العائلات، الأربعاء، المخيم باتجاه مناطق النظام، بتنسيق مع الجانب الروسي، وهي الدفعة الرسمية الثالثة التي تخرج منذ الإعلان الروسي عن فتح “الممرات الإنسانية”. وذكر ناشطون أن 100 عائلة غادرت المخيم، وأكد مصدر من الإدارة المدنية للمخيم لـ”المدن” خروج الدفعة الأخيرة، ولكنه لم يؤكد صحة الأعداد المذكورة.

وسبقت الدفعة الأخيرة دفعتان، ألف في كل واحدة. الدفعة الأولى خرجت بعد يومين من الاجتماع، أما الثانية فكانت الأحد، بحسب ما قال مصدر من إدارة المخيم لـ”المدن”.

وحضر الاجتماع في معبر جلغيم؛ نائب قائد تجميع القوات الروسية اللواء فيكتور كوبتشيشين، وممثل مكتب “الأمن الوطني” من “المخابرات الجوية”، وممثل وزارة الإدارة المحلية والبيئة، وممثل عن محافظة حمص، وعن محافظة ريف دمشق، بحسب ما جاء في جدول الاجتماع الذي حصلت “المدن” على نسخة منه. وكان هناك تمثيل لإدارة المفوض السامي لشؤون اللاجئين التابع للأمم المتحدة، وممثل عن مكتب منسق الأمم المتحدة في دمشق، ومنظمة الهلال الأحمر السوري، وعدد من وجهاء مخيم الركبان، فضلاً عن عدد من العائدين السابقين من المخيم.

رسمياً، هذه الدفعات التي غادرت المخيم بـ”الحافلات الخضراء” تأتي كأول عملية منظمة لإخلاء المخيم من قاطنيه منذ تأسيسه قبل 4 سنوات. وكانت عمليات المغادرة تتم بتسويات فردية، وبدفع رشاوى لضباط النظام على الحواجز المحيطة بالمخيم.

ويتم نقل تلك الدفعات من النازحين العائدين إلى “مركز إيواء محمد عثمان للإقامة المؤقتة” في ريف حمص، الذي يستخدم كمركز تجميع للنازحين. وتتم عمليات “تسوية الوضع” في “فرع بادية تدمر” داخل مطار التيفور. مصدر مدني قال لـ”المدن”: “هناك مخاوف من احتجاز العائلات في داخل مركز إيواء في منطقة الأوراس بحمص، كما حدث في الدفعات التي كانت تخرج قبل التنسيق مع الروس”.

مصدر من الإدارة المدنية في مخيم الركبان، التي حضر ممثل عنها الاجتماع مع الروس، قال لـ”المدن”: “أعطى الروس للمتخلّفين عن الخدمة الإلزامية أو المنشقين مهلة ستة شهور للالتحاق، وسمحوا للراغبين بالعودة إلى مدنهم في مناطق النظام للعودة إلى مراكز الإيواء ومن ثم تسوية أوضاعهم فيها”، مشيراً إلى أنه لا توجد أية ضمانات للراغبين بالخروج.

وبحسب المصدر “تم طرح بند ثانٍ في الاجتماع، وهو تقديم قوائم أسماء للراغبين بالعودة إلى “مركز المصالحة”، للتدقيق الأمني عليها، وعند الموافقة من الجانب الروسي عليها يسمح لهم بالعودة إلى مدنهم من دون الحاجة إلى الدخول إلى مراكز الإيواء”، وتحتاج هذه العملية لمدة شهر بين تقديم الأسماء ودراستها والرد على أصحابها.

وأضاف المصدر “البند الثاني يضع المطلوبين أمام تحدّ جديد، في ظل عدم وجود خيار الخروج إلى الشمال السوري” مشيراً إلى أن الأسماء التي تُرفض من القوائم يُمنع دخولها إلى مناطق النظام، بحسب ما تم نقاشه في الاجتماع.

وكان “لواء شهداء القريتين”، قد أجرى مباحثات في وقت سابق مع النظام لإخراج دفعة من عناصره ونازحين من الركبان إلى مناطق “درع الفرات”، من دون التوصل لنتيجة حتى اللحظة. وإذا فشل اتفاق التهجير إلى الشمال، سيصبح المرفوضون من قوائم “التسوية” أمام طريق مسدود.

ورغم مناشدات من أهالي مخيم الركبان بتدخل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بمنع عملية تفكيك المخيم، أو نقل قاطنيه إلى مناطق المعارضة السورية في الشمال السوري، إلا أن ذلك لم يحصل، ويتخوف الأهالي من عمليات انتقام بحقهم، لا سيما المنشقين عن قوات النظام أو المشاركين بنشاطات ثورية ضده.

مصدر مدني في المخيم قال لـ”المدن”: “تمت ممارسة كل الضغوط المباشرة وغير المباشرة علينا من أجل الخروج، ومع تبدد الأمل بإخراجنا إلى الشمال والضغط علينا، بدأ الناس التفكير بالرحيل”.

مصدر مدني في الركبان يعتقد بأن خروج دفعة ثالثة قد يحدث نهاية الأسبوع بأعداد مماثلة للدفعتين الأولى والثانية. المصدر قال لـ”المدن”: “المغادرون لا يعرفون ماهية الضمانات ولا دور الضامن، لأن الدفعات الأخيرة بالاتفاق مع الروس خرجت منذ أسبوع ولم تصلنا أخبارهم، ولا كيف يتعامل النظام معها”.

ولكن بحسب المصدر، من أهم التغييرات التي دفعت قاطني المخيم للمغادرة، إلى جانب الحصار، أن المشروع الروسي لإخلاء المخيم كفّ يد عرّابي “التسويات الفردية” من ضباط النظام. المصدر قال لـ”المدن”: “خلال الشهور الماضية كان هناك عمليات تسوية فردية، يدفع الشخص فيها 100 ألف ليرة سورية (200 دولار) مقابل عملية النقل والتسوية مع النظام. ومنذ تسلم الروس لملف الركبان لا تتجاوز كلفة خروج الشخص 10 آلاف ليرة (20 دولار) وهي أجرة النقل من داخل المخيم إلى نقطة المعبر”.

ومنذ إعلان الروس عن فتح معبرين إنسانيين، في شباط/فبراير، مورست سلسلة من الضغوط على أهالي المخيم، أهمها التشديد على دخول المواد الأساسية، الغذائية والطبية، إلى المخيم. مصدر قال لـ”المدن”: “الوضع من سيء إلى أسوأ… تجاوز سعر الكيلو من أصناف الخضار كالبندورة والبصل وغيره 700 ليرة سورية، ونعاني من شح المواد الأساسية كالطحين والسكر”.

وفي ظل عدم إدراج مخيم الركبان ضمن المخيمات الرسمية لدى الأمم المتحدة، وشحّ دخول المساعدات، وما تبعها من ضغوط إقليمية ودولية لتفكيك المخيم، الذي يبلغ عدد قاطنيه نحو 60 ألف نازح، يقول المصدر: “يفضّل الناس العودة على المجهول وما ينتظرهم من جوع أطفالهم ونسائهم”.


عن جريدة المدن الإلكترونية ، للاطلاع على الموضوع الأصلي ، اضغط هنا

يقول محدّثي :
لمّا تخرج الكلمة للعلن …فلا سلطة لك عليها …
كل يرميها بسهم عينه ..

 

ماهر حمصي

إبداع بلا رتوش
إشترك في القائمة البريدية